من أسامة بن زيد. وهكذا رواه أيضا في علامات النبوة عن عباس بن الوليد النرسي، ومسلم في فضائل أم سلمة عن عبد الأعلى بن حماد [ومحمد بن عبد الأعلى] (٢) كلهم عن معتمر بن سليمان به (٣).
والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين الله وبين محمد ﷺ جبريل عليه السلام وهو ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال: ﴿ نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ [الشعراء: ١٩٣، ١٩٤]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴾ الآيات [التكوير: ١٩-٢٢]. فمدح الرب تبارك وتعالى عبديه ورسوليه جبريل ومحمدًا ﷺ وسنستقصي الكلام على تفسير هذا الكتاب (٤) في موضعه إذا وصلنا إليه إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
وفي الحديث فضيلة عظيمة لأم سلمة، رضي الله عنها -كما بينه مسلم رحمه الله-لرؤيتها لهذا الملك العظيم، وفضيلة أيضا لدحية بن خليفة الكلبي، وذلك أن جبريل، عليه السلام، كان كثيرا ما يأتي رسول الله ﷺ على صورة دحية وكان جميل الصورة، رضي الله عنه، وكان من قبيلة أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، كلهم ينسبون إلى كلب بن وبرة وهم قبيلة من قضاعة، وقضاعة قيل: إنهم من عدنان، وقيل: من قحطان، وقيل: بطن مستقل بنفسه، والله أعلم.
(٢) زيادة من جـ، م.
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٩٨٠)، (٣٦٣٤)، وصحيح مسلم برقم (٢٤٥١).
(٤) في جـ. "المكان".
الحديث الثالث: حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال النبي (١) صلى الله عليه وسلم: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" (٢).
ورواه أيضا في [كتاب] (٣) الاعتصام عن عبد العزيز بن عبد الله ومسلم والنسائي عن قتيبة جميعا، عن الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه -واسمه كيسان المقبري-به.
وفي هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء، وعلى
٢٦@@@