القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم، ففعلوا (٢).
هذا الحديث قطعة من حديث سيأتي قريبا والكلام عليه ومقصود البخاري منه ظاهر، وهو أن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش خلاصة العرب؛ ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، حدثنا يزيد، حدثنا شيبان، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لا يملى في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف. وهذا إسناد صحيح (٣). وقال أيضا: حدثنا إسماعيل بن أسد، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن عبد الله بن فضالة، قال: لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال: إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر، فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر ﷺ (٤) وقد قال الله تعالى: ﴿ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الزمر: ٢٨]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: ١٩٢ -١٩٥]، وقال تعالى: ﴿ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النحل: ١٠٣]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَاْعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ﴾ الآية [فصلت: ٤٤]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك.
ثم ذكر البخاري، رحمه الله، حديث يعلى بن أمية أنه كان يقول: ليتني أرى رسول الله ﷺ حين ينزل عليه الوحي. فذكر الحديث الذي سأل عمن أحرم بعمرة وهو متمطخ بطيب وعليه جبة، وقال: فنظر رسول الله ﷺ ساعة ثم فجأه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى أي: تعال، فجاء يعلى، فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سرى عنه، فقال: "أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟ " فذكر أمره بنزع الجبة وغسل الطيب.
وهذا الحديث رواه جماعة (٥) من طرق عديدة (٦) والكلام عليه في كتاب الحج، ولا تظهر
٣١@@@


الصفحة التالية
Icon