وأما عبد الله بن مسعود فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حميد (٣) بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها-ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغلَّ مصحفًا فليغلل، فإنه من غلَّ شيئًا جاء بما غل يوم القيامة.
ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من فِي رسول الله ﷺ سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من فِي رسول الله ﷺ (٤).
وقال أبو بكر: حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا سعيد بن سليمان (٥) حدثتا ابن (٦) شهاب، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: ﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: ١٦١]، غلوا مصاحفكم، وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت القرآن من فِي رسول الله ﷺ بضعا وسبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان، والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته. قال أبو وائل: فلما نزل عن (٧) المنبر جلست في الحلق، فما أحد ينكر ما قال (٨). أصل هذا مخرج في الصحيحين (٩) وعندهما: ولقد علم أصحاب محمد أني أعلمهم بكتاب الله. وقول أبي وائل: "فما أحد ينكر ما قال"، يعني: من فضله وعلمه وحفظه، والله أعلم.
وأما أمره بغَلّ المصاحف وكتمانها، فقد أنكره عليه غير واحد. قال الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء، فقال: كنا نعد عبد الله جبانا (١٠) فما باله يواثب الأمراء (١١)
٤٣@@@


الصفحة التالية
Icon