مسعود: أن القرآن نزل من سبعة أبواب الجنة (٤).
قال ابن جرير: والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التي فيها من الأمر والنهي، والترغيب والترهيب، والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل وانتهى إلى حدودها المنتهي، استوجب بها الجنة.
ثم بسط القول في هذا بما حاصله: أن الشارع رخص للأمة التلاوة على سبعة أحرف، ثم لما رأى الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، اختلاف الناس في القراءة، وخاف من تفرق كلمتهم -جمعهم على حرف واحد، وهو هذا المصحف الإمام، قال: واستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعله من ذلك الرشد والهداية، وتركت القراءة الأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منها له، ونظر منها لأنفسها وعن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها، فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها لدثورها وعفو آثارها. إلى أن قال: فإن قال من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة اقرأهموها رسول الله ﷺ وأمرهم بقراءتها؟ قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قراءة الأمة، وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين. إلى أن قال: فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه وجره وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق

(١) فضائل القرآن (ص ٢٠٦).
(٢) في ط: "الجميع".
(٣) في طـ، جـ: "من".
(٤) تفسير الطبري (١/ ٤٧).
الصورة في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف " بعزل؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر، في قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب ﷺ بالمراء في الأحرف السبعة الكفر، كما تقدم (١).
الحديث الثاني: قال البخاري، رحمه الله: حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا الليث، حدثنا عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير: أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبدٍ القارئ حدثاه (٢) " أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتبصرت حتى
٦٠@@@


الصفحة التالية
Icon