الترمذي من الوجهين.
وفي الصحيحين عن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: كفن رسول الله ﷺ في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة (٥). وهذا محرر في باب الكفن من كتاب الجنائز.
ثم سألها عن ترتيب القرآن فانتقل إلى سؤال كبير، وأخبرها أنه يقرأ غير مؤلف، أي: غير مرتب السور. وكأن هذا قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، والله أعلم.
ولهذا أخبرته: أنك لا يضرك بأي سورة بدأت، وأن أول سورة نزلت فيها ذكر الجنة والنار،

(١) صحيح البخاري برقم (٣٩٩٣).
(٢) سنن النسائي الكبرى برقم (٧٩٨٧).
(٣) رواه البخاري في صحيحه برقم (٣٧٥٣).
(٤) حديث ابن عباس في المسند (١/ ٢٣١، ٢٤٧) وسنن أبي داود برقم (٣٨٧٨) وسنن النسائي (٨/ ١٤٩) وسنن الترمذي برقم (٩٩٤) وسنن ابن ماجة برقم (١٤٧٢)، وحديث سمرة في المسند (٥/ ٢٠) وسنن الترمذي برقم (٢٨١١) وسنن النسائي (٨/ ٢٠٥).
(٥) صحيح البخاري برقم (١٢٦٤) وصحيح مسلم برقم (٩٤١).
وهذه إن لم تكن "اقرأ" فقد يحتمل أنها أرادت اسم جنس لسور المفصل التي فيها الوعد والوعيد، ثم لما انقاد الناس إلى التصديق أمروا ونهوا بالتدريج أولا فأولا وهذا من حكمة الله ورحمته، ومعنى هذا الكلام: أن هذه السورة أو السور التي فيها ذكر الجنة والنار ليس البداءة بها في أوائل المصاحف، مع أنها من أول ما نزل، وهذه البقرة والنساء من أوائل ما في المصحف، وقد نزلت عليه في المدينة وأنا عنده.
فأما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقرير ذلك؛ ولهذا لم ترخص له في ذلك، بل أخرجت له مصحفها، فأملت عليه آي السور، والله أعلم. وقول عائشة: لا يضرك بأي سورة بدأت، يدل على أنه لو قدم بعض السور أو أخر، كما دل عليه حديث حذيفة وابن مسعود، وهو في الصحيح أنه، عليه السلام، قرأ في قيام الليل بالبقرة ثم النساء (١) ثم آل عمران (٢). وقد حكى القرطبي عن أبي بكر بن الأنباري في كتاب الرد أنه قال: فمن أخّر سورة مقدمة أو قدم أخرى مؤخرة كمن أفسد نظم الآيات وغير الحروف والآيات (٣) وكان مستنده اتباع
٦٦@@@


الصفحة التالية
Icon