الْهُدَى وَدِين الْحَقّ فَقَالَ تَعَالَى " وَهَذَا صِرَاط رَبّك مُسْتَقِيمًا " مَنْصُوب عَلَى الْحَال أَيْ هَذَا الدِّين الَّذِي شَرَعْنَاهُ لَك يَا مُحَمَّد بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْك هَذَا الْقُرْآن هُوَ صِرَاط اللَّه الْمُسْتَقِيم كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث الْحَارِث عَنْ عَلِيّ فِي نَعْت الْقُرْآن : هُوَ صِرَاط اللَّه الْمُسْتَقِيم وَحَبْل اللَّه الْمَتِين وَهُوَ الذِّكْر الْحَكِيم رَوَاهُ أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ بِطُولِهِ " قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَات " أَيْ وَضَّحْنَاهَا وَبَيَّنَّاهَا وَفَسَّرْنَاهَا " لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ " أَيْ لِمَنْ لَهُ فَهْم وَوَعْي يُعْقَل عَنْ اللَّه وَرَسُوله.
لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧)
لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
" لَهُمْ دَار السَّلَام " وَهَيَ الْجَنَّة " عِنْد رَبّهمْ" أَيْ يَوْم الْقِيَامَة وَإِنَّمَا وَصَفَ اللَّه الْجَنَّة هَهُنَا بِدَارِ السَّلَام لِسَلَامَتِهِمْ فِيمَا سَلَكُوهُ مِنْ الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم الْمُقْتَفِي أَثَر الْأَنْبِيَاء وَطَرَائِقهمْ فَكَمَا سَلِمُوا مِنْ آفَات الِاعْوِجَاج أَفْضَوْا إِلَى دَار السَّلَام " وَهُوَ وَلِيّهمْ " أَيْ حَافِظهمْ وَنَاصِرهمْ وَمُؤَيِّدهمْ " بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " أَيْ جَزَاء عَلَى أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة تَوَلَّاهُمْ وَأَثَابَهُمْ الْجَنَّة بِمَنِّهِ وَكَرَمه.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨)
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ
يَقُول تَعَالَى : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد فِيمَا تَقُصّهُ عَلَيْهِمْ وَتُنْذِرهُمْ بِهِ " وَيَوْم يَحْشُرهُمْ جَمِيعًا" يَعْنِي الْجِنّ وَأَوْلِيَاءَهُمْ مِنْ الْإِنْس الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَيَعُوذُونَ بِهِمْ وَيُطِيعُونَهُمْ وَيُوحِي بَعْضهمْ إِلَى بَعْض زُخْرُف الْقَوْل غُرُورًا " يَا مَعْشَر الْجِنّ قَدْ اِسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الْإِنْس " أَيْ يَقُول يَا مَعْشَر الْجِنّ وَسِيَاق الْكَلَام يَدُلّ عَلَى الْمَحْذُوف وَمَعْنَى قَوْله" قَدْ اِسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الْإِنْس " أَيْ مِنْ إِغْوَائِهِمْ وَإِضْلَالهمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " أَلَمْ أَعْهَد إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَم أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَان إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُبِين وَأَنْ اُعْبُدُونِي هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ " وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي
١٧٣@@@