بِعَشْرِ سُوَر مِثْله مُفْتَرَيَات وَادْعُوا مَنْ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُون اللَّه إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " ثُمَّ تَنَازَلَ إِلَى سُورَة فَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَة " أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْله وَادْعُوا مَنْ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُون اللَّه إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " وَكَذَا فِي سُورَة الْبَقَرَة وَهِيَ مَدَنِيَّة تَحَدَّاهُمْ بِسُورَةٍ مِنْهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ ذَلِكَ أَبَدًا فَقَالَ " فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّار " الْآيَة هَذَا وَقَدْ كَانَتْ الْفَصَاحَة مِنْ سَجَايَاهُمْ وَأَشْعَارهمْ وَمُعَلَّقَاتهمْ إِلَيْهَا الْمُنْتَهَى فِي هَذَا الْبَاب وَلَكِنْ جَاءَهُمْ مِنْ اللَّه مَا لَا قِبَل لِأَحَدٍ بِهِ وَلِهَذَا آمَنَ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِمَا عَرَفَ مِنْ بَلَاغَة هَذَا الْكَلَام وَحَلَاوَته وَجَزَالَته وَطَلَاوَته وَإِفَادَته وَبَرَاعَته فَكَانُوا أَعْلَم النَّاس بِهِ وَأَفْهَمهُمْ لَهُ وَأَتْبَعهُمْ لَهُ وَأَشْهَرهمْ لَهُ اِنْقِيَادًا كَمَا عَرَفَ السَّحَرَة لِعِلْمِهِمْ بِفُنُونِ السِّحْر أَنَّ هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا يَصْدُر إِلَّا عَنْ مُؤَيَّد مُسَدَّد مُرْسَل مِنْ اللَّه وَأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَطَاع لِبَشَرٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه وَكَذَلِكَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بُعِثَ فِي زَمَان عُلَمَاء الطِّبّ وَمُعَالَجَة الْمَرْضَى فَكَانَ يُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّه وَمِثْل هَذَا لَا مَدْخَل لِلْعِلَاجِ وَالدَّوَاء فِيهِ فَعَرَفَ مَنْ عَرَفَ مِنْهُمْ أَنَّهُ عَبْد اللَّه وَرَسُوله.
وَلِهَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيح عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " مَا مِنْ نَبِيّ مِنْ الْأَنْبِيَاء إِلَّا وَقَدْ أُوتِيَ مِنْ الْآيَات مَا آمَنَ عَلَى مِثْله الْبَشَر وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيته وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّه إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُون أَكْثَرهمْ تَابِعًا ".
بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩)
بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ
وَقَوْله " بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَأْتِهِمْ تَأْوِيله " يَقُول بَلْ كَذَّبَ هَؤُلَاءِ بِالْقُرْآنِ وَلَمْ يَفْهَمُوهُ وَلَا عَرَفُوهُ " وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيله " أَيْ وَلَمْ يُحَصِّلُوا مَا فِيهِ مِنْ الْهُدَى وَدِين الْحَقّ إِلَى حِين تَكْذِيبهمْ بِهِ جَهْلًا وَسَفَهًا " كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ " أَيْ مِنْ الْأُمَم السَّالِفَة " فَانْظُرْ كَيْف كَانَ عَاقِبَة الظَّالِمِينَ " أَيْ فَانْظُرْ كَيْف أَهْلَكْنَاهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلنَا ظُلْمًا وَعُلُوًّا وَكُفْرًا وَعِنَادًا وَجَهْلًا فَاحْذَرُوا أَيّهَا الْمُكَذِّبُونَ أَنْ يُصِيبكُمْ مَا أَصَابَهُمْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠)
وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ
وَقَوْله " وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِن بِهِ " الْآيَة أَيْ وَمِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بُعِثْت إِلَيْهِمْ يَا مُحَمَّد مَنْ يُؤْمِن بِهَذَا الْقُرْآن وَيَتْبَعك وَيَنْتَفِع بِمَا أُرْسِلْت
٣٦٥@@@


الصفحة التالية
Icon