المصائب، ولا يتخذ عمله رياء ويحتمل أذاى خلقه
ولا يكافئهم، ويدارى عباده على تفاوت أخلاقهم.
* * *
المقام العاشر فى الشهادة على التوحيد :
السؤال الأول :
هو أن الله تعالى شهد لنفسه بالوحدانية، ومن شهد لنفسه فإن تلك الشهادة لا تقبل فى الفقه ؛
والجواب من وجوه :
الأول : أن هذا فى الظاهر شهادة، وفى المعنى إقرار، وإقرار المقر على نفسه مقبول. وإنما قلنا : أن هذا إقرار، لأنه لما أدعى الوحدانية فى الألهية فقد أقر بأن الخلق كلهم عبيده، ورزق العبيد على المولى لازم، فكأنه تعالى أقر على نفسه للخلق كلهم بالرزق والحفظ والنصرة. ألا ترى أنه قال :( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ).
الثاني : أن الشهادة عبارة عن قول يدل على شئ دلالة ظاهرة، ثم ذلك القول لايراد لكونه قولاً، بل لكونه دالا على ذلك المطلوب فلا جرم كل فعل قام مقام القول فى ذلك التعريف كان شهادة.
ثم إن القول الدال لو كانت دلالته قطعية غير محتملة كان أولى بأن يكون شهادة. وإذا ثبت ذلك فجميع المخلوقات دالة على وحدانية الله تعالى وإلهيته دلالة قطعية عقلية، فكانت أولى بأن تكون شهادة، فإذاً شهادة الله على التوحيد لأجل أنه خلق الدلائل الدالة على الوحدانية قطعاً، وأما شهادة الملآئكة وأولو العلم فمعناها شهادة الإقرار والإعتراف،
فكانت شهادة الله على ذلك أقوى.