واختلف المحققون، فقال الأكثرون :
الأول أن يكون للذكر فى الإبتداء قول : لاإله إلا الله. وفى الإنتهاء الإختصار على ذكر كلمة : الله. ومنهم واظب فى الإبتداء والإنتهاء على ذكر لا إله إلا الله.
وحجة هؤلآء : أن عالم القلب مشحون بغير الله، فلابد من النفى لنفى الأغيار، فإذا صار خالياً فحينئذ يوضع له منبر التوحيد، ويجلس على سلطان المعرفة.
وأما الذين أكتفوا فى الإنتهاء بكلمة ( الله ). فلهم فى ذلك وجوه :
الحجة الأولى : أنه نفى الغيب عدم.
الحجة الثانية : من قال : لا إله إلا الله، فلعله حين ذكركلمة النفى لا يجد من المهلة ما يصل فيه إلى الإثبات، فحينئذ يبقى فى النفى غير منتقل إلى الإثبات، وفى الجحود غير منتقل إلى الإقرار.
الحجة الثالثة : أن المواظبة على هذه الكلمة مشعرة بتعظيم الحق، ينفى الأغيار، إلا أن نفى الأغيار من باب الإشتغال، والإشتغال فى الأغيار يرجع فى الحقيقة إلى شغل القلب بالأغيار، وذلك يمنع من الإستغراق فى نور التوحيد، فمن قال : لا إله إلا الله فهو مشتغل بغير الحق [ وبالحق ] ومن قال : الله فهو مشتغل بالحق [وحده] فأين أحد المقامين من الآخر.
الحجة الرابعة : أن نفى الشئ إنما يحتاج اليه عند خطور ذلك الشئ بالبال، وخطور ذلك الشئ بالبال لا يكون إلا عند نقصان الحال، فأما الكاملون الذين لا يخطر ببالهم وجود الشريك فقد أمتنع أن يكلفوا بنفى الشريك، بل لا يخطر ببالهم ولا يجرى فى خيالهم إلا ذكر الله، فلا جرم يكفيهم أن يقولوا : الله.
الحجة الخامسة : قال الله تعالى :(قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ).