وثالثها : أن عيسى عليه السلام لما أنطقه الله تعالى فى وقت الطفولية
قال :(إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ). فقوله :( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ) إشاره إلى علم الأصول، وقوله :(آتَانِيَ الْكِتَابَ) إشاره إلى علم الفروع، فإن احتياجه إلى الكتاب إنما يكون فى معرفة الاحكام والشرائع، لا فى معرفة ذات الله تعالى وصفاته.
ورابعاً : الآية التى نحن فيها
ولا نزاع فى أن أفضل الأنبياء والرسل عليهم السلام هؤلاء الأربعة،
فلما ثبت أن الله تعالى قدم الأمر بمعرفة الأصول على معرفة الفروع
فى حق هؤلآء الأنبياء المكرمين : ثبت أن الحق الصحيح الصريح ليس إلا ذلك، ومما يؤكد ذلك وجوه أخر :
* * *
الوجه الأول :
أن أكثر المفسرين أجمعوا على أن أول أية أنزلها الله تعالى على محمد ﷺ هى قوله :(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).
وهذه الأية مشتملة على دلائل التوحيد. وذلك أن أظهر الدلائل الدالة على
وجود الصانع الحكيم : توالد الإنسان من النطفة.
ثم إنه تعالى نبه فى هذه الأية على لطيفة عجيبة، ولا يتأتى شرحها إلا فى معرض السؤال والجواب.