أولها قوله تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ) إلى قوله :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ).
ثم لما مدح المؤمنين وذم الكافرين والمنافقين
كأنه قيل : هذا المدح والذم لا يستقيمان إلا بتقديم الدلائل على إثبات التوحيد
والنبوة والمعاد، فإن أصول الإسلام هى هذه الثلاثة.
فلهذا السبب بين الله تعالى صحة هذه الأصول بالدلائل القاطعه.
فبدأ أولا بإثبات الصانع وتوحيده، وبين ذلك بخمسة أنواع من الدلائل :
أولها أنه استدل على التوحيد بأنفسهم، واليه الإشارة بقوله :(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ).
وثانيها بأحوال آبائهم وأجدادهم، وإليه الإشارة بقوله :(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ).
وثالثها بأحوال اهل الأرض : وإليه
الإشارة بقوله :(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا).
وربعها بأحوال أهل السماء، وإليه الإشارة بقوله :(وَالسَّمَاءَ بِنَاءً).
وخامسها بالأحوال الحادثه المتعلقة بالسماء والأرض، وإليه الإشارة بقوله :( وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ).
فإن السماء كالأب، والأرض كالأم : ينزل المطر من صلب السماء، إلى رحم الأرض،
فيتولد منها انواع النبات.
ولما ذكرهذه الدلائل الخمسة رتب المطلوب عليها فقال :
(فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
وذلك : أن هذه الدلائل الخمسة رتب المطلوب عليها فقال :(فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
وذلك : أن هذه الدلائل تدل على وجود الصانع من وجه، وعلى كونه تعالى واحداً من وجه آخر، فأنها من حيث أنها حدثت مع جواز ألا تحدث، ومع جواز أن تحدث على خلاف ما حدثت به يدل على وجود الصانع القادر.
ومن حيث انها حدثت لا على وجه الخلل