أما أنه لا بد فى النجاة من علم الأصول فلأن الجاهل بالله البتة لايكون من أهل النجاة باالإجماع.
وأما أنه قد تحصل النجاة بدون الفقه، فلأن الإنسان قبل البلوغ لا يكون مكلفاً بشئ من الأعمال، فإذا بلغ وقت الضحوة الكبرى ففى هذه الساعة لم يجب عليه شئ من الصلوات والزكوات والصيامات وسائر العبادات.
فلو مات فى هذه الساعة مع المعرفة والتوحيد لقى الله مؤمناًحقا.
ولو قدرنا أن هذا الذى بلغ كان أمرأة، ثم لما بلغت حاضت، وبقيت مدة أخرى فى البلوغ، وهى غير مكلفة لا بالصلاة ولا بالقراءة، فإذا انقضى زمان حيضها وماتت فهى قد لقيت حضرة الله مؤمنة حقاً.
فلعلمنا أن النجاة، واستيجاب الدرجات، لا يتوقف على الفقه، وهو موقوف على علم الأصول.
الحجةالسابعة :
أن الآيات المشتملة على دلائل علم الأصول أشرف من الآيات المشتملة على دلائل علم الفروع، بدليل أنه قد جاء فى فضيلة (قل هو الله أحد) و (آمن الرسول) وآية الكرسى، و (شهد الله ) مالم يجئ فى فضيلة قوله تعالى :(وسألونك عن المحيض) و (أحل الله البيع ) و (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين ) الآية.
ولذلك فإن الزهاد والعباد يواظبون فى شرائف الأوقات على قراءة هذه الآيات المشتملة على الإلهيات، دون الآيات المشتملة على الأحكام.
الحجة الثامنة :
أن الآيات الواردة فى الأحكام الشرعية اقل من ست مائة آيه، وأما اللواتى فى بيان التوحيد والرد على عدة الأوثان وأصناف المشركين وفى إثبات النبوات والمعاد، ومسألة القضاء والقدر فكثيرة.