ثم أردفه بقوله :( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ).
وهذا هو دليل المتكلمين، فإنهم يستدلون بأحكام الأفعال وإتقانها على علم الفاعل، وهاهنا استدل سبحانه بتصوير الصور فى ظلمات الأرحام على كونه الفاعل عالماً.
وقال أيضاً :(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
وهو غنى عن تلك الدلائل. وقال :(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ). وهذا التنبيه للدلائل على كونه تعالى عالماً بكل المعلومات، لأنه تعالى يخبر عن الغيبات فتقع تلك الأشياء على وفق ذلك الخبر : وذلك يدل على كونه عالماً بكل المغيبات :
وأما صفة القدرة فكل ما ذكرالله تعالى فى القرآن من الثمرات المختلفة، والحيونات المختلفة، مع استواء تأثر الطبائع والافلاك، فإنه يدل على صفة القدرة : وسيجئ الاستقصاء فى هذه الدلائل القرآنية.
الحجة التاسعة :
أنه تعالى حكى عن أكثر الأنبياء عليهم السلام أنهم كانوا طوال عمرهم مشتغلين بهذه الدلائل، ولنذكر ما ينبه على المقصود :
أما الملآئكة عليهم السلام فإنهم لما قالوا :(قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ). فكأن المراد من خلق هؤلاء [ليكونوا] سبب الشر والفتنة، وذلك قبيح، والحكيم لا يفعل القبيح. فأجابهم الله تعالى بقوله :(إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
والمعنى والله أعلم : إنى لما كنت عالماً بكل المعلومات، كنت قد علمت فى خلقهم وإيجادهم حكمة لاتعلمونها أنتم.
فلما سمعوا ذلك سكتوا