هذه الكلمة تصعد إلى الله تعالى بذاتها : أنها طيبة. وقال عليه السلام :"إن الله طيب لا يقبل إلا طيب".
وتمام التحقيق فيه : أن العقل والروح عشقان على التحلى والمعرفة والمكاشفة على ماسبق تقريرة بالبرهان، والمعرفة مجزوبة إلى المعروف وإذا تصاعد العرفان إلى المعروف _ والعرف ملازم للعرفان _ إنجذب العارف إلى المعروف، وصعد إليه. فذلك هو المراد من قوله :(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ).
فإن قيل : قال المفسرون : الشجرة الطيبة هى النخلة. فما السبب فى تشبيه كلمة التوحيد بالنخلة ؟
فالجواب عنه من وجوه :
الأول : أن شجرة النخلة لا تنبت فى جميع البلدان، بل فى بعض دون البعض، فكذلك كلمة التوحيد لا تجرى على كل لسان، ومعرفة التوحيد لا تحصل فى كل قلب.
الثانى : أن النخلة أطول الأشجار، وكذلك كلمة التوحيد أعلى الكلمات.
الثالث : أن الشجرة الطيبة ثابته فى الأرض، وفروعها فى السماء، فهكذا أصل الكلمة الطيبة ثابت فى القلب، وهو المعرفة، وفروعها ثابت فى السماء (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ).
الرابع : أن النخلة تحمل كل سنة مرتين، فكذلك الإيمان يحمل فى الدنيا مرة فيثاب [ المؤمن ] لأجل إيمانه بأهلية الشهادة والولاية والامانة :
ومرة أخرى فى الآخرة، وهى الجنة الباقية، والنعمة الدائمة.


الصفحة التالية
Icon