وذلك لأنها جوهرة نفيسة، وقيمتها رفيعة وصاحبها غافل، والشيطان محتال مكار، وأجل مقصودة أن يسلب المعرفة من العارف ويحول بينه وبينها، والله تعالى برحمته جعل المعرفة فى حمايته، حتى ينقطع طمع إبليس عنها.
وتحقيقه : انه لما قال :( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ). فلما أضاف العباد إلى نفسة إنقطع طمع إبليس عنهم فقال :( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ). فهنا لما أضاف الإيمان إلى نفسه بقوله :
(مثل نوره ) لا جرم كان أبليس منقطعاً عنه.
الثانى : أن كل ماللعبد فهو للحق، لأنه حصل بتخليقه وإيجادة : فإذا بلغ العبد درجة يشهد فيها هذه الحالة فقد كملت حاله، فعند ذلك قيل له : كل ماله فهو لنا وكل ما لنا فهو له والمعرفة التى له فهى لنا فلا جرم أضافها إلى نفسه فقال :( مثل نوره ).
الثالث : أن تخصيص الشئ بإضافته إلى الله تعالى سبب لتشريفه، كما فى قوله :( وطهر بيتى ). وقوله :(هذه ناقة الله ). وقوله :( وأنه لما قام عبد الله).
فكذا هنا، إضافة المعرفة إلى نفسه تدل على أنها أشرف الخلع والتشريفات.
ثم هاهنا سؤلات :
السؤال الأول : ما الحكمة فى أنه شبه نور المعرفه بنور السراج حيث قال :
(مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) ؟
الجواب من وجوه :
الأول : أن البيت إذا كان فيه سراج لم يتجاسر اللص على دخوله مخافة أن يفتضح، وكذا القلب، إذا كان فيه سراج المعرفة لم يتجاسر الشيطان على دخوله مخافة أن يفتضح.