الرابع : أن صاحب الذهب والفضة لا يخاف كسرها، لعلمة أن قيمتها لا تبطل بسبب الإنكسار، وأما صاحب الزجاجة فإنه على حزر ووجل، لعلمه بأنها إذا إنكسرت بطلت قيمتها، فكذلك المؤمن ينبغى أن يكون على حزر ووجل كصاحب الزجاجة، ولا يكون على أمن كصاحب الذهب والفضة.
الخامس : شبهه بالزجاجة لأن النور من الزجاجة أحسن وأتم ضياء منه فى الذهب والفضة. والزجاجة لقلة قيمتها، أستعدادها للإنكسار والبطلان صار النور فيها أحسن، وهو إشارة إلى قوله :( أنا عند المنكسرة قوبهم ).
السؤال السادس : ماالحكمة من تشبيه الزجاجة بالكوكب الدرى ؟
الجواب من وجوه :
الأول : أن الكوكب الدرى فيه لأهل الرض هداية كما قال تعالى :( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ). ولأهل السماء زينة قال تعالى :(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ).
وكذلك [قلب] المؤمن، سبب لهدية صاحبه إلى الخيرات، وأيضاً نزهة لأهل السماء فإن روى أن معرفة العارف تضئ لأهل السماء كما يضئ الكوكب الدرى لأهل الأرض.
الثانى : الكوكب لا قدرة للشياطين عليه، بل الكوكب يحرق الشياطين قال الله تعالى :( وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ). فكذلك قلب المؤمن لا سبيل للشياطين عليه، بل نور قلبه وإيمانه يحرق الشياطين ولذلك قال الله تعالى :( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ). وقال :( الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ).
ولم يقل : فى قلوب الناس وقال :
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ).


الصفحة التالية
Icon