ولتوارد أسماء الله الحسنى فى سورة ما على نحو خاص مزيد عناية بملاحظة وتدبُّر إعتلاق معانيها بسياق ومقصود السورة التى فيها، فالله - عز وجل - لايقيم اسمًا من أسمائه الحسنى إلا في سياقه ليدل على ما يترادف من فيوض المعاني على ذلك السياق، فكان فقه معانى أسماء الله الحسنى ومواقعها فى الذكر الحكيم بابًا من العلم جدُّ عظيم، ولا يقوم به إلا من كان محتسبًا متخلقًا بما يليق به من معاني تلك الأسماء، فيكون له من ذلك زاد إلى زاد عرفانه العلمي يهديه إلى حسن استبصار الروح المهيمن على السورة (١)
إنَّ من السور ما اختص بكثرة ذكراسم من أسماء الله الحسنى على نحو فريدٍ، كمثل اسمه (العليم) جاء فى سورة (البقرة) إحدى وعشرين مرة، كان مفردًاغير مقترن باسمٍ آخر ثماني مرات، ومقترنًا باسمه الحكيم مرة واحدة، وباسمه الشاكر مرة واحدة، وباسمه الواسع أربع مرات، وباسمه السميع سبع مرات.
«لكلّ اسمٍ من أسمائه الحسنى بيانٌ يخصّ إقامته طورًا من أطوار خلقه تفصيلاً وإجمالا، فمن تفطّنَ إلى رتب الخطاب في القرآن بحسب أسماء الله، وأطوار الخلق وتنزلات الأمر، ورتب تنامي القلوب في الرجوع إلى الله، ورتب الأخلاق والأعمال، وما يقابل ذلك من دركات البعد والبغض والطرد واللعن فتح الله له بابًا إلى الفهم يجد به يقين تجربة إبانته ووضوح صدق إنبائه عن كنه الذوات ورتب التنزلات... »
هذا متن دقيق كثيف لطيف، نقلته لك برغم من ذلك إغراء بأنَّ في مقالات أهل العلم ما يفتقر إلى السعي إلى استنباط ما فيه من دقيق العلم وشريفه، فكم ترك الأول للآخر، وليس في علوم القرآن الكريم علم نضج حتّى احترق كما يتصايح به جمع، فينصرف طلبة العلم يائسين، إنَّ حدائق العلم رحيبة الأرجاء كريمة العطاء.