ينتبه بعض الباحثين إلى الأمر الأول «التصريف البياني للمعنى القرآني» فيقرنون النظر فيما تشابه نظما وتركيبا... مع ما هم بصدد تحليله تحليلا بيانيا، وقد كان لسلفنا مزيد عناية بذلك، فأفردت أسفار جليلة في هذا كما تراه في كتاب " درة التنزيل وغرة التأويل " المنسوب إلى " أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي " (ت: ٤٢٠هـ)، وكتاب:" ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من أي التنزيل " لأبي جعفر احمد بن الزبير الغرناطي" (ت: ٧٠٨هـ) وهما من أهم ما أفرد السلف من الأسفار في هذا الباب، وقد فاتهما أشياء غير قليلة (١)
والأمر الآخر يغفل عنه غير قليل من الدارسين على الرغم من الزعم بأنّ مناط درسهم بلاغة القرآن الكريم، والقرآن الكريم ليس بالمقصور على ما جاء في قراءة حفص عن عاصم، وإن كان ترتيل جمهور أهل القرآن الكريم بها، علينا أن نقوم ببعض حق تدبر وتأويل بلاغة القرآن الكريم في وجوه الترتيل الأخرى، وهي متواترة تواترًا لايقل البتة عن تواتر قراءة حفصٍ عن عاصم، فليس من العدل أن نقصر عنايتنا بوجه من القراءات المتواترة دون غيرها مما تواتر مثلها.

(١) - لكثير من المفسرين عناية بتوجيه بعض مشتبه النظم في مواضع من تفاسيرهم، وقد برزت عناية " البقاعي" (ت: ٨٨٥هـ) بهذا في تفسيره، ولو جمع كلامه في هذا لكان سفرًا، ولو حلل صنيعه لرأيت له منهاجًا في التأويل غير الذي تراه عند " ابن الزبير" في " ملاك التأويل".


الصفحة التالية
Icon