«الكلام المنظور فيه تارة يكون واحدًا بكلّ اعتبار، بمعنى أنّه أنزل في قضية واحدة طالت أو قصرت، وعليه أكثر سور المفصل، وتارة يكون متعددًا في الاعتبار بمعنى أنّه أنزل في قضايا متعددة كسورة البقرة... ولا علينا أنزلت السورة بكمالها دفعة واحدة أم نزلت شيئًا بعد شيءٍ
ولكن هذا القسم له اعتباران:
*اعتبار من جهة تعدد القضايا، فتكون كلُّ قضية مختصة بنظرها، ومن هنالك [أي من النظر في كلّ قضية على حدتها] يلتمس الفقه على وجه ظاهر لا كلام فيه...
* واعتبار من جهة النظم الذي وجدنا عليه السورة إذ هو ترتيب بالوحي لامدخل فيه لآراء الرجال... فاعتبار جهة النظمِ مثلا في السورة لايتمُّ به فائدة إلاَّ بعد استيفاء جميعها بالنظر، فالاقتصار على بعضها فيه غير مفيد غاية المقصود، كما أنَّ الاقتصار على بعض الآية في استفادة حكم ما لايفيد إلاَّ بعد كمال النَّظر في جميعها.» (١)
والمعنى المُجْتَنَى من التَّدبُّر في سياق السورة هو المعنى القرآني الذي أذهب إلى أن البحث عنه محقق لكثير من المعاني الإحسانية التي نحن في مزيد الافتقار إليها تفقُّهًا وتأدبا، ولهذا قلت في تعريف المعنى القرآني: "كلُّ مايدركه ويستنبطه أهلُ العلم من النَّصِّ فى سياق السورة المقاليّ والمقاميّ وفقا لأصول وضوابط الفهم والاستنباط"
قلت (فى سياق السور) لأنَّ تمام المعنى لا يدرك فى سياقه الجزئى وإنما يدرك فى سياق السورة كلِّها التى هى وحدة التحدى، وكلُّ درس آية خارج سياق سورتها هو درس خداج عاجز عن استبصار كثير من وجوه المعنى القرآنى التى تغذو الروح واللب بلطائف المعانى الاحسانية.
وما نجري في سياقه الآن إنَّما هو النَّظر في معالم فقه المعنى القرآني في سياق السورة.
***