ويذهب العلامة الإمام "محمود شاكر" - رحمه الله - إلى أنَّ قليل القرآن وكثيره فى شأن الإعجاز سواء. يقول بعد أن أبان أنَّ النبى - ﷺ - من بعد أن نزل عليه الوحى طالب قومه بأن يؤمنوا بما دعاهم إليه ويُقِرُّوا له بصدق نبوته بدليل واحد، وهو هذا الذى يتلوه عليهم من قرآن يقرءون «كان هذا القرآن ينزل عليه منجَّمًا، وكان الذى نزل عليه يومئذ قليلا كما تعلم وكان هذا القليل من التنزيل هو برهانُه الفرد على نبوته، وإذن، فقليل ما أوحى إليه من آيات يومئذ، وهو على قلته، وقلَّةِ ما فيه من المعانى التى تنامت وتجمعت فى القرآن جملة، كما نقرؤه اليوم منطوٍ علي دليل مُسْتَبِينٍ قاهرٍ، يحكم له بأنَّه ليس من كلام البشر، وبذلك يكون دليلا على أنَّ تالِيهِ عليهم، وهو بشر مثلهم نبى من عند الله مرسَلٌ، فإذا صَحَّ هذا – وهو صحيح لا ريب فيه – ثبت ما قلناه أوَّلاً من أنَّ الآيات القليلة من القرآن، ثُمَّ الآيات الكثيرة، ثُمَّ القرآنُ كلُّه أىّ ذلك كان فى تلاوته على سامعه من العرب الدليل الذى يطالبه بأن يقطعَ بأنَّ الكلامَ مُفارِقٌ لجنس كلام البشر، وذلك من وجه واحد، وهو وجه البيان والنظم. (١)
وعندي أن نفرق بين ما يقع به الإعجاز، وما وقف عنده التحدِّي:
التحدي وقف عند "السورة" كما دلَّ ظاهر البيان القرآنيّ، ولكنَّ الإعجازَ واقع بالآية الواحدة التامّة المعنى، أمَّا التي لايتم معناها إلا بآية أو آيات أخرى فلا يقع الإعجاز بها وحدها. مثل (مُدْهَامَّتَانِ) (الرحمن: ٦٤)، (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى) (العلق: ٩)