وإذا نظرنا فى كلمة (سورة) التى كان منتهى التحدِّي عندها ألفينا أنَّ دلالتها فى لسان العربية راجعٌ إلى التصاعد والمرتبة وسورالمدينة والسّؤْر.
فهل تكون الدلالة اللغوية لكلمة (سورة) هي المرادة في مقام التحدي في قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (البقرة: ٢٣)
وقوله - جل جلاله -: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (يونس: ٣٨)
يذهب البقاعي إلى أنَّ معنى (السورة) في مقام التحدِّي هو المعنى اللغوي: أي قطعة من القرآن الكريم آية فما فوقها، فالإعجاز والتحدّي معًا واقعان بالآية الواحدة، والجمهور على أنَّ المراد في مقام التحدي هو المعنى الاصطلاحي: «قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يَتَغَيَّرانِ مُسَمَّاةٌ باسْمٍ مخصوص تشتمل على ثلاث آيات فأكثر فى غرض تامٍّ ترتكز عليه معانى آيات تلك السورة ناشئ عن أسباب النزول أو عن مقتضيات ما تشمل عليه من المعانى المتناسبة (١)
والتسمية باسم (السورة) فيه دلالة على أنَّ بين عناصر هذا المجموع من الآيات ترابطًا بينها سواء كان الجذر الاشتقاقي للتسمية " سور المدينة أو المرتبة والتسور أو السور أو التصاعد "، ففى كلِّ هذا شىء من ذلك المعنى.
وكثير من أهل العلم يلمح ما بين هذه التسمية وسورالمدينة من تشابه يقول العلامة: أبو الحسن الحَرَالّيّ (ت / ٦٣٧ هـ)
"السورة تمام جملة من المسموع محيط بمعنى تام بمنزلة إحاطة السور بالمدينة"