أعداء هذه الأمة – وهم اليوم كُثْر- قد علموا أنَّ الحصن المنيع والحبل المديد المتين الذي لن تضل الأمة ما إن تمسكت به إنَّما هو الكتاب والسنة، ومن ثَم تكالبت وتظاهرت لتفتننا في أمرهما،
هم يعلمون أنهم لن يتمكنوا من العباد والبلاد إلا إذا أحكموا تضليل الأمة في فقه وتدبر الكتاب والسنة، ولذلك تنادت النخبة المثقفة والصفوة المستنيرة بفريضة إعادة قراءة القرآن الكريم قراءة معاصرة.
و (القراءة المعاصرة) أو (إعادة قراءة القرآن) هي كلمة يراد بها غير ما جاءت به السنّة النبوة: تبشيرًا وتكليفا: «إنَّ اللهَ يَبْعَثُ لِهذهِ الأمّة عَلَى رَاسِ كُلِّ مِئَةِ عَامٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دينَها» (أبوداود: الملاحم)
القراءة المعاصرة ترمي إلى اتخاذ منهاج يفسر النص في حركة الفعل الإنساني، فلكلّ عصر ومصر قرآنه، لأنَّ القرآنَ حَمَّالٌ ذو وجوه يَصْلُح لكلّ زمان ومكان: يصلح للمسجد والملهى والمرقص......
ومن ثَمَّ تنادى القوم بما أسموه ﴿تجديد الخطاب الدّيني﴾ وهو ولا شكَّ في هذا إنما يريد منه بعض الناعقين به الآن الإعراض عمَّا جاء عن سلف الأمة في فهم الكتاب والسنّة والإغراء بما جاء في لسان. كثير من أدعياء التنوير العلمانيّ المقيت.
وتسارعت ثلّة ممن ينتسب إلى أهل العلم فنعقت بما نعق به العلمانيون الذين سعوا إلى أن تجري الكلمة ﴿تجديد الخطاب الديني﴾ على لسان كبيرهم حتّى تملك قدسيّة تحجز الألسنة عن أن تنقض أو تنقد.
ليس " تجديد الخطاب الديني" في لسان بطانة السلطان هو التجديد الذي بشرت به الحكمة النبوية.
التجديد الذي هدت إليه السنّة النبوية يرمي إلى تجديد تديُّن الأمة وفق الفهم الصحيح لما جاء به بيان الوحي
تجديد انبعاث الأمة وإقبالها على ربها بما شرعه لها لا بما شرعته هي لنفسها