وختمت سورة "النمل" بقوله: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (النمل: ٩١-٩٣)
وجاءت قصة " موسى" - عليه السلام - فى هذا السياق فأصطفى القرآن الكريم منها ماتآخى وتناغى مع هذا السياق العام، فكان مبدأ القصة هنا رؤيته النار وذهابه إليها وندائه وتكليفه وايناسه بالأيات، ثُمَّ تنتهى القصّة انتهاءً سريعًا يطوى فيها ما كان بينه وبين فرعون وقومه قائلاً: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ (النمل: ١٣ -١٤)
وقد جاء قوله: (مبصرة) وقوله: (استيقنتها) متناغيًا مع سياق العلم الذى كانت السورة له، مثلما جاء قوله: (جحدوا بها) كذلك.
وفى سورة " القصص" كان السياق لبيان أنَّ الغلبة للقوى الأعظم، وأنَّه لا أقوى ممن كان الله - سبحانه وتعالى - معه، ولذلك بدأ ببيان ذلك فى حياة سيدنا "موسى" - عليه السلام - من بدايتها إلى نهايتها، وانتصاره على أقوى الطواغيت ومثلِهم الأعلى:


الصفحة التالية
Icon