هى أن تنظر فى السور التى تقاربت فواتحها؛ لأنَّ فى تقارب الطوالع آية على تقارب المقاصد، ولا سيما أن قارئ كتاب الله - سبحانه وتعالى - يجدُ سُورًا قد تباعدت مواقِعُها فى السياق الترتيلى إلاَّ أنَّها تقاربت فواتِحُها ومطالِعُها وإذا ما كان الذكر الحكيم من عند رب العالمين فأدْنى النظر الظنُّ أنَّ من وراء ذلك ما يُغْرِي المَرْءَ باستبصاره واستنباط ما فيه من الهُدَى والرَّحمة.
صاحب القرآن الكريم يجِدُ خمسَ سورٍ قد استفتحت بحمد الله، وقد تباعدت مواقعها: سورة الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
وقد اختلف مقتضى الحمد المذكور فى مفتتح كل، وهي جميعها مكية النزول:
- (أم الكتاب:) :﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة: ١-٤)
- (الأنعام:) {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرّحيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (٣) ﴾