، يعمد البرهان البقاعى (ت ٨٨٥ هـ) فى تفسيره (نظم الدور) إلى تفصيله مبينا احتواء سورة (أم الكتاب) على مقتضيات الحمد على كمال الذات وعلى جميع نعم الإيجاد والإبقاء.
فالحمد على كمال الذات قوله - سبحانه وتعالى - (الحَمْدُ للهِ) أى (أنه المستحق لجميع المحامد لا لشىء غير ذاته الحائز لجميع الكمالات)
أما الإيجاد الأول في قوله - سبحانه وتعالى -: (رَبِّ العالَمينَ) فإنَّ الإخراج من العدم إلى الوجود أعظم تربية.
وأما الإبقاء الأول في قوله - سبحانه وتعالى -: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أى المنعم بجلائل النعم ودقائقها التى بها البقاء.
وأما الإيجاد الثانى في قوله - سبحانه وتعالى -: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وهو ظاهر (أى – لا يكون مالكا لهذا اليوم إلا إذا أوْجَدَ الخلق مرة ثانية كمثل ما أوجدهم فى الأول.)
وأما الإبقاء الثانى في قوله - سبحانه وتعالى -: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إلى آخرها، فإن منافع ذلك تعود إلى الآخرة).
وأما سورة الأنعام فالحمد فيها على نعمة الإيجاد الأول: ولذلك برز فعل الخلق فى مطلعها: ﴿... خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ * وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾
ثم انتشر الحديث عن الخلق والإيجاد فى آياتها:
﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ والأرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام: ١٤)


الصفحة التالية
Icon