﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلاَّعَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (الأنعام: ١٦٤)
فهذه السورة كثر فيها الدلالة على فعل الخلق والإيجاد، ولم يرد فى غيرها أن وصف الله نفسه بقوله (فالق) وقد ذكره مرتين متتاليتين كما أنَّه لم يرد اسمه البديع إلا فى هذه السورة: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (الأنعام: ١٠١)
وفى سورة البقرة: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (البقرة: ١١٧)
وانظر كيف جعل فى آية (الأنعام) قوله - سبحانه وتعالى - ﴿وخلق كل شىء﴾ ولم يجعل ذلك فى سورة (البقرة).
وإذا نظرت رأيت أن سورة (الأنعام) مكية، وقد نزلت جملة واحدة، كما عليه جمع من أهل العلم، وسورة (البقرة) مدنية، وقد نزلت في سنين عددًا (١)
ومنزل سورة الأنعام من السور المكية منزل سورة (البقرة) من السور المدنية: سورة الأنعام "نزلنت مبيّنَةً لقواعد العقائد وأصول الدين... فغيرها من السور المكية المتأخر عنها نزولا مبنيٌّ عليها، وسورة البقرة قررت قواعد التقوى المبنية على قواعد سورة الإنعام، فغير سورة (البقرة) من السور المدنية مبنيٌ عليها (٢)

(١) - ينظر: مصاعد النظر للبقاعي: ٢ / ١١٩
(٢) - ينظر الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي: ٣ /٤٠٦-٤٠٧


الصفحة التالية
Icon