ولعله لذلك كان تعليم آدم الأسماء، ففى الاسم بيان العنوان الدَّال على ما في المُسَمَّى به. وسواء قولنا إنّ (الاسم) مشتق من السُّمُوِّ: الارتفاع كما ذهب اليه البصريون من أنَّه معتلُّ " اللام"، أو مشتقٌ من الوَسْمِ كما هو مذهب الكوفيين، فيكون معتلَّ " الفاء "، فإنَّ فى الارتفاع والسمو دَِلالةً على أنَّه أظهرَ مسماه ورفعه للعيان، فصار به مرفوعًا معلومًا، وفى الوَسْمِ دَِلالةٌ على أنَّه تميَّز بكشف ما فيه عن غيره، فإذا ما كان الاسم توقيفا كانت دَِلالته على مضمون مُسمَّاه، وما به امتاز عمَّا عداه جِدّ وثيقة.
ألا تَرَى أنَّ الله - سبحانه وتعالى - هو الذى سمَّى خاتم المرسلين - ﷺ - محمدًا (١) وهى تسمية دالة على حقيقته وكنهه. وجاء قول الله - سبحانه وتعالى - ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ (الفتح: من الآية٢٩) جامعا بين ما هو كاشف عن حقيقته: (محمد) وما هو كاشف عن وظيفته (رسول الله) وكذلك أسماءُ سور القرآن الكريم سُمِّيَتْ كُلُّ سُورةٍ باسم كاشفٍ عن مقصودها الأعظم، فهي لا تُسمَّى إلاَّ بما هو أهمُّ ما فيها فى علاقته بالروح المهيمن على جميع كَلِمِها وجُملها وآياتها ومعاقدها، وليس بما كثُرَ ذكرُهُ فيها، أو بسط القول فيه، أو اختصت بذكره دون غيرها أو غلب ذكرُه فيها، فكُلُّ هذا ممَّا جاء عن بعض أهل العلم إنَّما هو غير معتبر، ألا ترَى أنَّ رسولَ اللهِ – صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا - ذكر في أربع سور (آل عمران – الأحزاب – محمد – الفتح) ولم تُسمَّ به إلاَّ سُورة واحدة: (محمد)، وكان مقتضى الظاهر أن تُسمَّى باسمه سورة (الأحزاب) أو سورة (الفتح).