"""""" صفحة رقم ٣١٢ """"""
الفاتحة أن يوقف عليها ثم يبدأ بما بعدها كما فعله الحسن ومن معه في قراءتهم المحكية سابقا وأما فتح الميم على القراءة المشهورة فوجهه ما روى عن سيبويه أن الميم فتحت لالتقاء الساكنين وقال الكسائي حروف التهجي إذا لقيتها ألف وصل فحذف الألف وحركت الميم بحركة الألف وكذا قال الفراء وهذه الفواتح إن جعلت مسرودة على نمط التعديد فلا محل لها من الإعراب وإن جعلت أسماء للسورة فمحلها إما الرفع على أنها أخبار لمبتدآت مقدرة قبلها أو النصب على تقدير أفعال يقتضيها المقام كاذكر أو اقرأ أو نحوهما وقد تقدم في أوائل سورة البقرة ما يغني عن الاعادة
آل عمران :( ٢ ) الله لا إله.....
وقوله ) الله لا إله إلا هو ( مبتدأ وخبر والجملة مستأنفة أي هو المستحق للعبودية والحي القيوم خبران آخران للاسم الشريف أو خبران لمبتدأ محذوف أي هو الحي القيوم وقيل إنهما صفتان للمبتدإ الأول أو بدلان منه أو من الخبر وقد تقدم تفسير الحي والقيوم وقرأ جماعة من الصحابة القيام عمر وأبي ابن كعب وابن مسعود
آل عمران :( ٣ ) نزل عليك الكتاب.....
قوله ) نزل عليك الكتاب ( أي القرآن وقد الظرف على المفعول به للاعتناء بالمنزل عليه ( ﷺ ) وهي إما جملة مستأنفة أو خبر آخر للمبتدإ الأول قوله ) بالحق ( أي بالصدق وقيل بالحجة الغالبة وهو في محل نصب على الحال وقوله ) مصدقا ( حال آخر من الكتاب مؤكدة لأنه لا يكون إلا مصدقا فلا تكون الحال منتقلة أصلا وبهذا قال الجمهور وجوز بعضهم الانتقال على معنى أنه مصدق لنفسه ولغيره وقوله ) لما بين يديه ( أي من الكتب المنزلة وهو متعلق بقوله مصدقا واللام للتقوية قوله ) وأنزل التوراة والإنجيل ( هذه الجملة في حكم البيان لقوله لما بين يديه وإنما قال هنا أنزل وفيما تقدم نزل لأن القرآن نزل منجما والكتابان نزلا دفعة واحدة ولم يذكر في الكتابين من أنزلا عليه وذكر فيما تقدم أن الكتاب نزل على رسول الله ( ﷺ ) لأن القصد هنا ليس إلا إلى ذكر الكتابين لا ذكر من نزلا عليه
آل عمران :( ٤ ) من قبل هدى.....
وقوله ) من قبل ( أي أنزل التوراة والإنجيل من قبل تنزيل الكتاب وقوله ) هدى للناس ( إما حال من الكتابين أو علة للإنزال والمراد بالناس أهل الكتابين أو ما هو أعم لأن هذه الأمة متعبدة بما لم ينسخ من الشرائع قال ابن فورك هدى للناس المتقين كما قال في البقرة هدى للمتقين قوله ) وأنزل الفرقان ( أي الفارق بين الحق والباطل وهو القرآن وكرر ذكره تشريفا له مع ما يشتمل عليه هذا الذكر الآخر من الوصف له بأنه يفرق بين الحق والباطل وذكر التنزيل أولا والإنزال ثانيا لكونه جامعا بين الوصفين فإنه أنزل إلى سماء الدنيا جملة ثم نزل منها إلى النبي ( ﷺ ) مفرقا منجما على حسب الحوادث كما سبق وقيل أراد بالفرقان جميع الكتب المنزلة من الله تعالى على رسله وقيل أراد الزبور لاشتماله على المواعظ الحسنة وقوله ) إن الذين كفروا بآيات الله ( أي بما يصدق عليه أنه آية من الكتب المنزلة وغيرها أو بما في الكتب المنزلة المذكورة على وضع آيات الله موضع الضمير العائد إليها وفيه بيان الأمر الذي استحقوا به الكفر ) لهم ( بسبب هذا الكفر ) عذاب شديد ( أي عظيم ) والله عزيز ( لا يغالبه مغالب ) ذو انتقام ( عظيم والنقمة السطوة يقال انتقم منه إذا عاقبه بسبب قد تقدم منه
آل عمران :( ٥ ) إن الله لا.....
قوله ) إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ( هذه الجملة استئنافية لبيان سعة علمه وإحاطته بالمعلومات وعبر عن معلوماته بما في الأرض والسماء مع كونها أوسع من ذلك لقصور عباده عن العلم بما سواهما من أمكنة مخلوقاته وسائر معلوماته ومن جملة ما لا يخفى عليه إيمان من آمن من خلقه وكفر من كفر
آل عمران :( ٦ ) هو الذي يصوركم.....
قوله ) هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ( أصل اشتقاق الصورة من صاره إلى كذا أي أماله إليه فالصورة مائلة إلى شبه وهيئة وأصل الرحم من الرحمة لأنه مما يتراحم به وهذه الجملة مستأنفة مشتملة على بيان إحاطه علمه وأن من جملة معلوماته ما لا يدخل تحت الوجود وهو تصوير عباده في أرحام


الصفحة التالية
Icon