"""""" صفحة رقم ٣١٥ """"""
المقطعة وأهل القول السادس خصوا المحكم بما يقوم بنفسه والمتشابه بما لا يقوم بها وأن هذا هو بعض أوصافهما وصاحب القول السابع وهو ابن خويز منداد عمد إلى صورة الوفاق فجعلها محكما وإلى صورة الخلاف والتعارض فجعلها متشابها فأهمل ما هو أخص أوصاف كل واحد منهما من كونه باعتبار نفسه مفهوم المعنى أو غير مفهوم قوله ) هن أم الكتاب ( أي أصله الذي يعتمد عليه ويرد ما خالفه إليه وهذه الجملة صفة لما قبلها قوله ) وأخر متشابهات ( وصف لمحذوف مقدر أي وآيات أخر متشابهات وهي جمع أخرى وإنما لم ينصرف لأنه عدل بها عن الآخر لأن أصلها أن يكون كذلك وقال أبو عبيد لم ينصرف لأن واحدها لا ينصرف في معرفة ولا نكرة وأنكر ذلك المبرد وقال الكسائي لم تنصرف لأنها صفة وأنكره أيضا المبرد وقال سيبويه لا يجوز أن يكون أخر معدولة عن الألف واللام لأنها لو كانت معدولة عنها لكان معرفة ألا ترى أن سحر معرفة في جميع الأقاويل لما كانت معدولة قوله ) فأما الذين في قلوبهم زيغ ( الزيغ الميل ومنه زاغت الشمس وزاغت الأبصار ويقال زاغ يزيغ زيغا إذا ترك القصد ومنه قوله تعالى ) فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ( وهذه الآية تعم كل طائفة من الطوائف الخارجة عن الحق وسبب النزول نصارى نجران كما تقدم وسيأتي قوله ) فيتبعون ما تشابه منه ( أي يتعلقون بالمتشابه من الكتاب فيشككون به على المؤمنين ويجعلونه دليلا على ما هم فيه من البدعة المائلة عن الحق كما تجده في كل طائفة من طوائف البدعة فإنهم يتلاعبون بكتاب الله تلاعبا شديدا ويوردون منه لتنفيق جهلهم ما ليس من الدلالة في شيء قوله ) ابتغاء الفتنة ( أي طلبا منهم لفتنة الناس في دينهم والتلبيس عليهم وإفساد ذات بينهم ) وابتغاء تأويله ( أي طلبا لتأويله على الوجه الذي يريدونه ويوافق مذاهبهم الفاسدة قال الزجاج معنى ابتغائهم تأويله أنهم طلبوا تأويل بعثهم وإحيائهم فأعلم الله عز وجل أن تأويل ذلك ووقته لا يعلمه إلا الله قال والدليل على ذلك قوله ) هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله ( أي يوم يرون ما يوعدون من البعث والنشور والعذاب ) يقول الذين نسوه ( أي تركوه ) قد جاءت رسل ربنا بالحق ( أي قد رأينا تأويل ما أنبأتنا به الرسل قوله ) وما يعلم تأويله إلا الله ( التأويل يكون بمعنى التفسير كقولهم تأويل هذه الكلمة على كذا أي تفسيرها ويكون بمعنى ما يئول الأمر إليه واشتقاقه من آل الأمر إلى كذا يئول إليه أي صار وأولته تأويلا أي صيرته وهذه الجملة حالية أي يتبعون المتشابه لابتغاء تأويله والحال أن ما يعلم تأويله إلا الله وقد اختلف أهل العلم في قوله ) والراسخون في العلم ( هل هو كلام مقطوع عما قبله أو معطوف على ما قبله فتكون الواو للجمع فالذي عليه الأكثر أنه مقطوع عما قبله وأن الكلام تم عند قوله ) إلا الله ( هذا قول ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة ابن الزبير وعمر بن عبدالعزيز وأبي الشعثاء وأبي نهيك وغيرهم وهو مذهب الكسائي والفراء والأخفش وأبي عبيد وحكاه ابن جرير الطبري عن مالك واختاره وحكاه الخطابي عن ابن مسعود وأبي بن كعب قال وإنما روى عن مجاهد أنه نسق الراسخين على ما قبله وزعم أنهم يعلمونه قال واحتج له بعض أهل اللغة فقال معناه والراسخون في العلم يعلمونه قائلين ) آمنا به ( وزعم أن موضع ) يقولون ( نصب على الحال وعامة أهل اللغة ينكرونه ويستبعدونه لأن العرب لا تضمر الفعل والمفعول معا ولا تذكر حالا الا مع ظهور الفعل فإذا لم يظهر فعل لم يكن حالا ولو جاز ذلك لجاز أن يقال عبدالله راكبا يعني أقبل عبدالله راكبا وإنما يجوز ذلك مع ذكر الفعل كقوله عبدالله يتكلم يصلح بين الناس فكان يصلح حالا كقول الشاعر أنشدنيه أبو عمرو قال أنشدنا أبو العباس ثعلب أرسلت فيها رجلا لكالكا
يقصر يمشي ويطول باركا