"""""" صفحة رقم ٣٤٢ """"""
الطين وقرىء فيكون طائرا وطيرا مثل تاجر وتجر وقيل انه لم يخلق غير الخفاش لما فيه من عجائب الصنعة فإن له ثديا وأسنانا وأذنا ويحيض ويطهر وقيل إنهم طلبوا خلق الخفاش لما فيه من العجائب المذكورة ولكونه يطير بغير ريش ويلد كما يلد سائر الحيوانات مع كونه من الطير ولا يبيض كما يبيض سائر الطيور ولا يبصر في ضوء النهار ولا في ظلمة الليل وإنما يرى في ساعتين بعد غروب الشمس ساعة وبعد طلوع الفجر ساعة وهو يضحك كما يضحك الإنسان وقيل إن سؤالهم له كان على وجه التعنت قيل كان يطير ما دام الناس ينظرونه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز فعل الله من فعل غيره وقوله ( بإذن الله ) فيه دليل على انه لولا الإذن من الله عز وجل لم يقدر على ذلك وان خلق ذلك كان بفعل الله سبحانه أجراه على يد عيسى عليه السلام قيل كانت تسوية الطين والنفخ من عيسى والخلق من الله عز وجل قوله ( وأبرىء الاكمه ) الأكمه الذي يولد أعمى كذا قال أبو عبيدة وقال ابن فارس الكمه العمى يولد به الإنسان وقد يعرض يقال كمه يكمه كمها إذا عمى وكمهت عينه إذا أعميتها وقيل الأكمه الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل وقيل هو الممسوح العين والبرص معروف وهو بياض يظهر في الجلد وقد كان عيسى عليه السلام يبرئ من أمراض عدة كما اشتمل عليه الإنجيل وإنما خص الله سبحانه هذين المرضين بالذكر لأنهما لا يبرآن في الغالب بالمداواة وكذلك إحياء الموتى قد اشتمل الأنجيل على قصص من ذلك قوله ( وأنبئكم بما تأكلون ) أي أخبركم بالذي تأكلونه وبالذي تدخرونه
آل عمران :( ٥٠ ) ومصدقا لما بين.....
قوله ( ومصدقا ) عطف على قوله ورسولا وقيل المعنى وجئتكم مصدقا قوله ( ولأحل ) أي ولأجل ان أحل أي جئتكم بآية من ربكم وجئتكم لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم من الأطعمة في التوراة كالشحوم وكل ذي ظفر وقيل إنما أحل لهم ما حرمته عليهم الأحبار ولم تحرمه التوراة وقال أبو عبيدة يجوز أن يكون بعض بمعنى كل وأنشد تراك أمكنة إذا لم أرضها
أو يرتبط بعض النفوس حمامها
قال القرطبي وهذا القول غلط عند أهل النظر من أهل اللغة لأن البعض والجزء لا يكونان بمعنى الكل ولأن عيسى لم يحلل لهم جميع ما حرمته عليهم التوراة فإنه لم يحلل القتل ولا السرق ولا الفاحشة وغير ذلك من المحرمات الثابتة في الإنجيل مع كونها ثابتة في التوراة وهي كثيرة يعرف ذلك من يعرف الكتابين ولكنه قد يقع البعض موقع الكل مع القرينة كقول الشاعر أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا
حنانيك بعض الشر أهون من بعض
أي بعض الشر أهون من كله قوله ( بآية من ربكم ) هي قوله ( إن الله ربي وربكم ) وإنما كان ذلك آية لأن من قبله من الرسل كانوا يقولون ذلك فمجيئه بما جاءت به الرسل يكون علامة على نبوته ويحتمل ان تكون هذه الآية هي الآية المتقدمة فتكون تكريرا لقوله ( أني قد جئتكم بآية من ربكم اني أخلق لكم من الطين ) الآية
الآثار الوارده في تفسير الآيات
و قد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ( بكلمة ) قال عيسى هو الكلمة من الله وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال المهد مضجع الصبي في رضاعه وقد ثبت في الصحيح انه لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يصلى فجاءته أمه فدعته فقال أجيبها أو أصلى فقالت اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات وكان جريج في صومعة فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى فأتت راعيا فأمكنته من نفسها فولدت غلاما فقالت من جريج فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام فقال من أبوك يا غلام قال الراعي قالوا نبني صومعتك من ذهب قال لا إلا من طين وكانت امرأة من بني إسرائيل ترضع ابنا لها فمر بها رجل


الصفحة التالية
Icon