"""""" صفحة رقم ٣٦٧ """"""
الباطلة وقوله ) وأنتم شهداء ( جملة حالية أي كيف تطلبون ذلك بملة الإسلام والحال أنكم تشهدون أنها دين الله الذي لا يقبل غيره كما عرفتم ذلك من كتبكم المنزلة على أنبيائكم قيل إن في التوراة أن دين الله الذي لا يقبل غيره الإسلام وأن فيه نعت محمد ( ﷺ ) وقيل المراد ) وأنتم شهداء ( أي عقلاء وقيل المعنى وأنتم شهداء بين أهل دينكم مقبولون عندهم فكيف تأتون بالباطل الذي يخالف ما أنتم عليه بين أهل دينكم ثم توعدهم سبحانه بقوله ) وما الله بغافل عما تعملون )
آل عمران :( ١٠٠ ) يا أيها الذين.....
ثم خاطب سبحانه المؤمنين محذرا لهم عن طاعة اليهود والنصارى مبينا لهم أن تلك الطاعة تفضي إلى أن يردونهم بعد إيمانهم كافرين وسيأتي بيان سبب نزول الآية
آل عمران :( ١٠١ ) وكيف تكفرون وأنتم.....
والاستفهام في قوله ) وكيف تكفرون ( للإنكار أي من أين يأتيكم ذلك ولديكم ما يمنع منه ويقطع أثره وهو تلاوة آيات الله عليكم وكون رسول الله ( ﷺ ) بين أظهركم ومحل قوله ) وأنتم ( وما بعده النصب على الحال ثم أرشدهم إلى الاعتصام بالله ليحصل لهم بذلك الهداية إلى الصراط المستقيم الذي هو الإسلام وفي وصف الصراط الاستقامة رد على ما ادعوه من العوج قال الزجاج يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد ( ﷺ ) خاصة لأن رسول الله ( ﷺ ) كان فيهم وهم يشاهدونه ويجوز أن يكون هذا الخطاب لجميع الأمة لأن آثاره وعلامته والقرآن الذي أوتيه فينا فكأن رسول الله ( ﷺ ) فينا وإن لم نشاهده انتهى ومعنى الاعتصام بالله التمسك بدينه وطاعته وقيل بالقرآن يقال اعتصم به واستعصم وتمسك واستمسك إذا امتنع به من غيره وعصمه الطعام منع الجوع منه
آل عمران :( ١٠٢ ) يا أيها الذين.....
قوله ) اتقوا الله حق تقاته ( أي التقوى التي تحق له وهي أن لا يترك العبد شيئا مما يلزمه فعله ولا يفعل شيئا مما يلزمه تركه ويبذل في ذلك جهده ومستطاعه قال القرطبي ذكر المفسرون أنها لما نزلت هذه الآية قالوا يا رسول الله من يقوى على هذا وشق عليهم ذلك فأنزل الله ) فاتقوا الله ما استطعتم ( فنسخت هذه الآية روى ذلك عن قتادة وعن الربيع وابن زيد قال مقاتل وليس في آل عمران من المنسوخ شيء إلا هذا وقيل إن قوله ) اتقوا الله حق تقاته ( مبين بقوله ) فاتقوا الله ما استطعتم ( والمعنى اتقوا الله حق تقاته ما استطعتم قال وهذا أصوب لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أولى قوله ) ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ( أي لا تكونن على حال سوى حال الإسلام فالاستثناء مفرغ ومحل الجملة أعني قوله ) وأنتم مسلمون ( النصب على الحال وقد تقدم في البقرة تفسير مثل هذه الآية
آل عمران :( ١٠٣ ) واعتصموا بحبل الله.....
قوله ) واعتصموا بحبل الله جميعا ( الحبل لفظ مشترك وأصله في اللغة السبب الذي يتوصل به إلى البغية وهو إما تمثيل أو استعارة أمرهم سبحانه بأن يجتمعوا على التمسك بدين الإسلام أو بالقرآن ونهاهم عن التفرق الناشيء عن الاختلاف في الدين ثم أمرهم بأن يذكروا نعمة الله عليهم وبين لهم من هذه النعمة ما يناسب المقام وهو أنهم كانوا أعداء مختلفين يقتل بعضهم بعضا وينهب بعضهم بعضا فأصبحوا بسبب هذه النعمة إخوانا وكانوا على شفا حفرة من النار بما كانوا عليه من الكفر فأنقذهم الله من هذه الحفرة بالإسلام ومعنى قوله ) فأصبحتم ( صرتم وليس المراد به معناه الأصلي وهو الدخول في وقت الصباح وشفا كل شيء حرفه وكذلك شفيره وأشفى على الشيء أشرف عليه وهو تمثيل للحالة التي كانوا عليها في الجاهلية وقوله ) كذلك ( إشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده أي مثل ذلك البيان البليغ يبين الله لكم وقوله ) لعلكم تهتدون ( إرشاد لهم إلى الثبات على الهدى والازدياد منه
الآثار الوارده في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال مر شاس بن قيس وكان شيخا قد عسى في الجاهلية عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من