"""""" صفحة رقم ٤٠٦ """"""
محمد فهو فقير ليشككوا على اخوانهم في دين الإسلام وقوله ( سنكتب ما قالوا ) سنكتبه في صحف الملائكة أو سنحفظه أو سنجازيهم عليه والمراد الوعيد لهم وان ذلك لا يفوت على الله بل هو معد لهم يوم الجزاء و جملة سنكتب على هذا مستأنفة جوابا لسؤال مقدر كانه قيل ماذا صنع الله بهؤلاء الذين سمع منهم هذا القول الشنيع فقال قال لهم ( سنكتب ماقالوا ) وقرأ الأعمش وحمزة ( سيكتب ) بالمثناة التحتية مبني للمفعول وقرأ برفع اللام من ( قتلهم ) ويقول بالياء المثناة تحت قوله ( وقتلهم الأنبياء ) عطف على ماقالوا أي ونكتب قتلهم الأنبياء أي قتل أسلافهم للأنبياء وإنما نسب ذلك إليهم لكونهم راضوا به جعل ذلك القول قرينا لقتل الأنبياء تنبيها على انه من العظم والشناعة بمكان يعدل قتل الأنبياء قوله ( ونقول ) معطوف على ( سنكتب ) أي ننتقم منهم بعد الكتابة بهذا القول الذي نقوله لهم في النار أو عند الموت أو عند الحساب والحريق اسم للنار الملتهبة وإطلاق الذوق على إحساس العذاب فيه مبالغة بليغة وقرأ ابن مسعود ( ويقال ذوقوا
آل عمران :( ١٨٢ ) ذلك بما قدمت.....
والإشارة بقوله ( ذلك ) إلى العذاب المذكور قبله وأشار إلى القريب بالصيغة التي يشار بها إلى البعيد للدلالة على بعد منزلته في الفظاعة وذكر الأيدي لكونها المباشرة لغالب المعاصي وقوله ( وان الله ليس بظلام للعبيد ) معطوف على ( ماقدمت أيديكم ) ووجه انه سبحانه عذبهم بما أصابوا من الذنب وجازاهم على فعلهم فلم يكن ذلك ظلما أو بمعنى انه مالك الملك يتصرف في ملكه كيف يشاء وليس بظالم لمن عذبه بذنبه وقيل إن وجهه إن نفى الظلم مستلزم للعدل المقتضى لإثابة المحسن ومعاقبة المسئ ورد بأن ترك التعذيب مع وجود سببه ليس بظلم عقلا ولا شرعا قيل إن جملة قوله ( وأن الله ليس بظلام للعبيد ) في محل رفع على انها خبر مبتدأ محذوف أي والأمر أن الله ليس بظلام للعبيد والتعبير بذلك عن نفي الظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم عند أهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا لبيان تنزهه عن ذلك ونفي ظلام المشعر بالكثرة يفيد ثبوت أصل الظلم وأجيب عن ذلك بأن الذي توعد بأن يفعله بهم لو كان ظلما لكان عظيما فنفاه على حد عظمه لو كان ثابتا
آل عمران :( ١٨٣ ) الذين قالوا إن.....
قوله ( والذين قالوا ) هو خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين قالوا وقيل نعت للعبيد وقيل منصوب على الذم وقيل هو في محل جر بدل من ( لقد سمع الله قول الذين قالوا ) وهو ضعيف لأن البدل هو المقصود دون المبدل منه وليس الأمر كذلك هنا والقائلون هؤلاء هم جماعة من اليهود كما سيأتي وهذا المقول وهو أن الله عهد إليهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يأتيهم بالقربان هو من جملة دعاويهم الباطلة وقد كان دأب بني إسرائيل أنهم كانوا يقربون القربان فيقوم النبي فيدعو فتنزل نار من السماء فتحرقه ولم يتعبد الله بذلك كل انبيائه ولا جعله دليلا على صدق دعوى النبوة ولهذا رد الله عليهم فقال ( قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم ) من القربان ( فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين ) كيحيى بن زكريا وشعياء وسائر لا من قتلوا من الأنبياء والقربان ما يتقرب به إلى الله من نسيكة وصدقة وعمل صالح وهو فعلان من القربة
آل عمران :( ١٨٤ ) فإن كذبوك فقد.....
ثم سلى الله رسوله ( ﷺ ) بقوله ( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا ) بمثل ما جئت به من البينات والزبر جمع زبور وهوالكتاب وقد تقدم تفسيره ( والكتاب المنير ) الواضح الجلى المضئ يقال نار الشيء وأنار ونوره واستناره بمعنى
الآثار الوارده في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم فقال أبو بكر ويحك يافنحاص اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة فقال فنحاص