"""""" صفحة رقم ١٠٥ """"""
وقيل إن ) شيء ( هنا موضوع موضع اسم الله تعالى والمعنى الله أكبر شهادة أي انفراده بالربوبية وقيام البراهين على توحيده أكبر شهادة وأعظم فهو شهيد بيني وبينكم وقيل إن قوله ) الله شهيد بيني وبينكم ( هو الجواب لأنه إذا كان الشهيد بينه وبينهم كان أكبر شهادة له ( ﷺ ) وقيل إنه قد تم الجواب عند قوله ) قل الله ( يعنى الله أكبر شهادة ثم ابتدأ فقال ) شهيد بيني وبينكم ( أي هو شهيد بيني وبينكم قوله ) وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ( أي أوحى الله إلى هذا القرآن الذي تلوته عليكم لأجل أن أنذركم به وأنذر به من بلغ إليه أي كل من بلغ إليه من موجود ومعدوم سيوجد في الأزمنة المستقبلة وفى هذه الآية من الدلالة على شمول أحكام القرآن لمن سيوجد كشمولها لمن قد كان موجودا وقت النزول ما لا يحتاج معه إلى تلك الخزعبلات المذكورة في علم أصول الفقه وقرأ أبو نهيك ) وأوحي ( على البناء للفاعل وقرأ ابن عداة على البناء للمفعول قوله ) أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ( الاستفهام للتوبيخ والتقريع على قراءة من قرأ بهمزتين على الأصل أو بقلب الثانية وأما من قرأ على الخبر فقد حقق عليهم شركهم وإنما قال ) آلهة أخرى ( لأن الآلهة جمع والجمع يقع عليه التأنيث كذا قال الفراء ومثله قوله تعالى ) ولله الأسماء الحسنى ( وقال ) فما بال القرون الأولى ( ) قل لا أشهد ( أي فأنا لا أشهد معكم فحذف لدلالة الكلام عليه وذلك لكون هذه الشهادة باطلة ومثله ) فإن شهدوا فلا تشهد معهم ( وما في ) مما تشركون ( موصولة أو مصدرية أي من الأصنام التى تجعلونها آلهة أو من إشراككم بالله
الأنعام :( ٢٠ ) الذين آتيناهم الكتاب.....
قوله ) الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ( الكتاب للجنس فيشمل التوراة والإنجيل وغيرهما أي يعرفون رسول الله ( ﷺ ) قال به جماعة من السلف وإليه ذهب الزجاج وقيل إن الضمير يرجع إلى الكتاب أي يعرفونه معرفة محققة بحيث لا يلتبس عليهم منه شيء و ) كما يعرفون أبناءهم ( بيان لتحقق تلك المعرفة وكمالها وعدم وجود شك فيها فإن معرفة الآباء للأبناء هي البالغة إلى غاية الإتقان إجمالا وتفصيلا قوله ) الذين خسروا أنفسهم ( في محل رفع على الابتدا وخبره ) فهم لا يؤمنون ( ودخول الفاء في الخبر لتضمن المبتدإ معنى الشرط وقيل إن الموصول خبر مبتدأ محذوف وقيل هو نعت للموصول الأول وعلى الوجهين الأخيرين يكون ) فهم لا يؤمنون ( معطوفا على جملة ) الذين آتيناهم الكتاب (
والمعنى على الوجه الأول أن الكفار الخاسرين لأنفسهم بعنادهم وتمردهم لا يؤمنون بما جاء به رسول الله ( ﷺ ) وعلى الوجهين الأخيرين أن أولئك الذين آتاهم الله الكتاب هم الذين خسروا أنفسهم بسبب ما وقعوا فيه من البعد عن الحق وعدم العمل بالمعرفة التى ثبتت لهم فهم لا يؤمنون
الأنعام :( ٢١ ) ومن أظلم ممن.....
قوله ) ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ( أي اختلق على الله الكذب فقال إن في التوراة أو الإنجيل ما لم يكن فيهما ) أو كذب بآياته ( التى يلزمه الإيمان بها من المعجزة الواضحة البينة فجمع بين كونه كاذبا على الله ومكذبا بما أمره الله بالإيمان به ومن كان هكذا فلا أحد من عباد الله أظلم منه والضمير في ) إنه لا يفلح الظالمون ( للشأن
الآثار الوارده في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سلمان الفارسي قال إنا نجد في التوراة أن الله خلق السموات والأرض ثم جعل مائة رحمة قبل أن يخلق الخلق ثم خلق الخلق فوضع بينهم رحمة واحدة وأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة فبها يتراحمون وبها يتعاطفون وبها يتباذلون وبها يتزاورون وبها تحن الناقة وبها تنتج البقرة وبها تيعر الشاة وبها تتابع الطير وبها تتابع الحيتان في البحر فإذا كان يوم القيامة جمع تلك الرحمة إلى ما عنده ورحمته أفضل وأوسع وقد أخرج مسلم وأحمد وغيرهما عن سلمان عن النبي ( ﷺ ) قال خلق الله يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة منها رحمة يتراحم بها الخلق


الصفحة التالية
Icon