"""""" صفحة رقم ١٥ """"""
ابن حنبل أبو ثور كاسمه يعنى في هذه المسئلة وكأنه تمسك بما يروى عن النبي ( ﷺ ) مرسلا أنه قال في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب ولم يثبت بهذا اللفظ وعلى فرض أن له أصلا ففيه زيادة تدفع ما قاله وهى قوله غير آكلى ذبائحهم ولا ناكحى نسائهم وقد رواه بهذه الزيادة جماعة ممن لا خبرة له بفن الحديث من المفسرين والفقهاء ولم يثبت الأصل ولا الزيادة بل الذى ثبت في الصحيح أن النبي ( ﷺ ) أخد الجزية من مجوس هجر وأما بنو تغلب فكان علي بن أبي طالب ينهى عن ذبائحهم لأنهم عرب وكان يقول إنهم لم يتمسكوا بشئ من النصرانية إلا بشرب الخمر وهكذا سائر العرب المتنصرة كتنوخ وجذام ولخم وعاملة ومن أشبههم قال ابن كثير وهو قول غير واحد من السلف والخلف وروى عن سعيد بن المسيب والحسن البصري أنهما كانا لا يريان بأسا بذبيحة نصارى بني تغلب وقال القرطبي وقال جمهور الأمة إن ذبيحة كل نصراني حلال سواء كان من بني تغلب أو من غيرهم وكذلك اليهود قال ولا خلاف بين العلماء أن مالا يحتاج إلى ذكاة كالطعام يجوز أكله قوله ) وطعامكم حل لهم ( أي وطعام المسلمين حلال لأهل الكتاب وفيه دليل على أنه يجوز للمسلمين أن يطعموا أهل الكتاب من ذبائحهم وهذا من باب المكافأة والمجازاة وإخبار المسلمين بأن ما يأخذونه منهم من أعراض الطعام حلال لهم بطريق الدلالة الالتزامية قوله ) والمحصنات من المؤمنات ( اختلف في تفسير المحصنات هنا فقيل العفائف وقيل الحرائر وقرأ الشعبي بكسر الصاد وبه قرأ الكسائي
وقد تقدم الكلام في هذا مستوفى في البقرة والنساء والمحصنات مبتدأ ومن المؤمنات وصف له والخبر محذوف أي حل لكم وذكرهن هنا توطئه وتمهيدا لقوله ) والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ( والمراد بهن الحرائر دون الإماء هكذا قال الجمهور وحكى ابن جرير عن طائفة من السلف أن هذه الآية تعم كل كتابيه حرة أو أمة وقيل المراد بأهل الكتاب هنا الإسرائيليات وبه قال الشافعي وهو تخصيص بغير مخصص وقال عبد الله بن عمر لا تحل النصرانية قال ولا أعلم شركا أكبر من أن تقول ربها عيسى وقد قال الله ) ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ( الآية ويجاب عنه بأن هذه الآية مخصصة للكتابيات من عموم المشركات فيبنى العام على الخاص وقد استدل من حرم نكاح الإماء الكتابيات بهذه الآية لأنه حملها على الحرائر وبقوله تعالى ) فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ( وقد ذهب إلى هذا كثير من أهل العلم وخالفهم من قال إن الآية تعم أو تخص العفائف كما تقدم والحاصل أنه يدخل تحت هذه الآية الحرة العفيفة من الكتابيات على جميع الأقوال إلا على قول ابن عمر في النصرانية ويدخل تحتها الحرة آلتي ليست بعفيفة والأمة العفيفة على قول من يقول إنه يجوز استعمال المشرك في كلا معنييه وأما من لم يجوز ذلك فإن حمل المحصنات هنا على الحرائر لم يقل بجواز نكاح الأمة عفيفة كانت أو غير عفيفة إلا بدليل آخر ويقول بجواز نكاح الحرة العفيفة كانت أو غير عفيفة وإن حمل المحصنات هنا على العفائف قال بجواز نكاح الحرة العفيفة والأمة العفيفة دون غير العفيفة منهما قوله ) إذا آتيتموهن أجورهن ( أي مهورهن وجواب إذا محذوف أي فهن حلال أو هي ظرف لخبر المحصنات المقدر أي حل لكم قوله ) محصنين ( منصوب على الحال أي حال كونكم أعضاء بالنكاح وكذا قوله ) غير مسافحين ( منصوب على الحال من الضمير في محصنين أو صفة لمحصنين والمعنى غير مجاهرين بالزنا قوله ) ولا متخذي أخدان ( معطوف على ) غير مسافحين ( أو على ) مسافحين ( ) ولا ( مزيدة للتأكيد والخدن يقع على الذكر والأنثى أي لم يتخذوا معشوقات فقد شرط الله في الرجال العفة وعدم المجاهرة بالزنا وعدم اتخاذ أخدان كما شرط في النساء أن يكن محصنات ) ومن يكفر بالإيمان ( أي بشرائع الإسلام ) فقد حبط عمله ( أي بطل ) وهو في الآخرة من الخاسرين ( وقرأ ابن السميفع ) فقد حبط ( بفتح الباء ا ه