"""""" صفحة رقم ٢٤٤ """"""
فلم يرتفع وناقة دكاء لا سنام لها ) وخر موسى صعقا ( أي مغشيا عليه مأخوذا من الصاعقة والمعنى أنه صار حاله لما غشى عليه كحال من يغشى عليه عند إصابة الصاعقة له يقال صعق الرجل فهو صعق ومصعوق إذا أصابته الصاعقة ) فلما أفاق ( من غشيته ) قال سبحانك ( أي أنزهك تنزيها من أن أسأل شيئا لم تأذن لي به ) تبت إليك ( عن العود إلى مثل هذا السؤال قال القرطبي وأجمعت الأمة على أن هذه التوبة ما كانت عن معصية فإن الأنبياء معصومون وقيل هى توبة من قتله للقبطي ذكره القشيري ولا وجه له فى مثل هذا المقام ) وأنا أول المؤمنين ( بل قبل قومي الموجودين في هذا العصر المعترفين بعظمتك وجلالك
الأعراف :( ١٤٤ ) قال يا موسى.....
وجملة ) قال يا موسى ( مستأنفة كالتى قبلها متضمنة لإكرام موسى واختصاصه بما اختصه الله به والاصطفاء الاجتباء والاختيار أي اخترتك على الناس المعاصرين لك برسالتي كذا قرأ نافع وابن كثير بالإفراد وقرأ الباقون بالجمع والرسالة مصدر والأصل فيه الإفراد ومن جمع فكأنه نظر إلى أن الرسالة هى على ضروب فجمع لاختلاف الأنواع والمراد بالكلام هنا التكليم امتن الله سبحانه عليه بهذين النوعين العظيمين من أنواع الإكرام وهما الرسالة والتكليم من غير واسطة ثم أمره بأن يأخذ ما آتاه أي أعطاه من هذا الشرف الكريم وأمره بأن يكون من الشاكرين على هذا العطاء العظيم والإكرام الجليل
الأعراف :( ١٤٥ ) وكتبنا له في.....
قوله ) وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء ( من كل شئ أي من كل ما يحتاج إليه بنو إسرائيل في دينهم ودنياهم وهذه الألواح هى التوراة قيل كانت من زمردة خضراء وقيل من ياقوته حمراء وقيل من زبرجد وقيل من صخرة صماء وقد اختلف في عدد الألواح وفى مقدار طولها وعرضها والألواح جمع لوح وسمى لوحا لكونه تلوح فيه المعاني وأسند الله سبحانه الكتابة إلى نفسه تشريفا للمكتوب في الألواح وهى مكتوبة بأمره سبحانه وقيل هى كتابه خلقها الله في الألواح و ) من كل شيء ( في محل نصب على أنه مفعول ) كتبنا ( و ) موعظة وتفصيلا ( بدل من محل كل شئ أي موعظة لمن يتعظ بها من بنى إسرائيل وغيرهم وتفصيلا للأحكام المحتاجة إلى التفصيل ) فخذها بقوة ( أي خذ الألواح بقوة أي بجد ونشاط وقيل الضمير عائد إلى الرسالات أو إلى كل شئ أو إلى التوراة قيل وهذا الأمر على إضمار القول أي فقلنا له خذها وقيل إن ) فخذها ( بدل من قوله ) فخذ ما آتيتك ( ) وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ( أي بأحسن ما فيها بما أجره أكثر من غيره وهو مثل قوله تعالى ) واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ( وقوله ) فيتبعون أحسنه ( ومن الأحسن الصبر على الغير والعفو عنه والعمل بالعزيمة دون الرخصة وبالفريضة دون النافلة وفعل المأمور به وترك المنهي عنه قوله ) سأريكم دار الفاسقين ( قيل هى أرض مصر التى كانت لفرعون وقومه وقيل منازل عاد ثمود وقيل هى جهنم وقيل منازل الكفار من الجبابرة والعمالقة ليعتبروا بها وقيل الدار الهلاك والمعنى سأريكم هلاك الفاسقين وقد تقدم تحقيق معنى الفسق
الأعراف :( ١٤٦ ) سأصرف عن آياتي.....
قوله ) سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ( قيل معنى ) سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون ( سأمنعهم فهم كتابي وقيل سأصرفهم عن الإيمان بها وقيل سأصرفهم عن نفعها مجازاة على تكبرهم كما في قوله ) فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ( وقيل سأطبع على قلوبهم حتى لا يتفكروا فيها ولا يعتبروا بها
واختلف فى تفسير الآيات فقيل هى المعجزات وقيل الكتب المنزلة وقيل هى خلق السموات والأرض وصرفهم عنها أن لا يعتبروا بها ولا مانع من حمل الآيات على جميع ذلك حمل الصرف على جميع المعاني المذكورة و ) بغير الحق ( إما متعلق بقوله ) يتكبرون ( أي يتكبرون بما ليس بحق أو بمحذوف وقع حالا أي يتكبرون متلبسين بغير الحق قوله ) وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ( معطوف على ) يتكبرون ( منتظم معه في حكم الصلة والمعنى


الصفحة التالية
Icon