"""""" صفحة رقم ٢٥٢ """"""
والاستفهام في قوله ) أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ( للجحد أي ليست ممن يفعل ذلك قاله ثقة منه برحمة الله والمقصود منه الاستعطاف والتضرع وقيل معناه الدعاء والطلب أي لا تهلكنا قال المبرد المراد بالاستفهام استفهام الإعظام كأنه يقول وقد علم موسى أنه لا يهلك أحد بذنب غيره ولكنه كقول عيسى ) إن تعذبهم فإنهم عبادك ( وقيل المراد بالسفهاء السبعون والمعنى أتهلك بني إسرائيل بما فعل هؤلاء السفهاء في قولهم ) أرنا الله جهرة ( وقيل المراد بهم السامري وأصحابه قوله ) إن هي إلا فتنتك ( أي ما الفتنة التى وقع فيها هؤلاء السفهاء إلا فتنتك التى تختبر بها من شئت وتمتحن بها من أردت ولعله عليه السلام استفاد هذا من قوله سبحانه ) فإنا قد فتنا قومك من بعدك ( ) تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ( أي تضل بهذه الفتنة من تشاء من عبادك وتهدى بها من تشاء منهم ومثله ) ليبلوكم أيكم أحسن عملا ( ثم رجع إلا الاستعطاف والدعاء فقال ) أنت ولينا ( أي المتولي لأمورنا ) فاغفر لنا ( ما أذنبناه ) وارحمنا ( برحمتك التى وسعت كل شيء ) وأنت خير الغافرين ( للذنوب
الأعراف :( ١٥٦ ) واكتب لنا في.....
) واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة ( بتوفيقنا للأعمال الصالحة أو تفضل علينا بإفاضة النعم في هذه الدنيا من العافية وسعة الرزق ) وفي الآخرة ( أي واكتب لنا في الآخرة الجنة بما تجازينا به أو بما تتفضل به علينا من النعيم في الآخرة وجملة ) إنا هدنا إليك ( تعليل لما قبلها من سؤال المغفرة والرحمة والحسنة في الدنيا وفى الآخرة أي إنا تبنا إليك ورجعنا عن الغواية التى وقعت من بني إسرائيل والهود التوبة وقد تقدم في البقرة وجملة ) قال عذابي أصيب به من أشاء ( مستأنفة كنظائرها فيما تقدم قيل المراد بالعذاب هنا الرجفة وقيل أمره سبحانه لهم بأن يقتلوا أنفسهم أي ليس هذا إليك يا موسى بل ما شئت كان وما لم أيثأ لم يكن والظاهر أن العذاب هنا يندرج تحته كل عذاب ويدخل فيه عذاب هؤلاء دخولا أوليا وقيل المراد من أشاء من المستحقين للعذاب أو من أشاء أن أضله وأسلبه التوفيق ) ورحمتي وسعت كل شيء ( من الأشياء من المكلفين وغيرهم ثم أخبر سبحانه أنه سيكتب هذه الرحمة الواسعة ) للذين يتقون ( الذنوب ) ويؤتون الزكاة ( المفروضة عليهم ) والذين هم بآياتنا يؤمنون ( أي يصدقون بها ويذعنون لها
الأعراف :( ١٥٧ ) الذين يتبعون الرسول.....
ثم بين سبحانه هؤلاء الذين كتب لهم هذه الرحمة ببيان أوضح مما قبله وأصرح فقال ) الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ( وهو محمد عليه الصلاة والسلام فخرجت اليهود والنصارى وسائر الملل والأمي إما نسبة إلى الأمة الأمية التى لا تكتب ولا تحسب وهم العرب أو نسبة إلى الأم والمعنى أنه باق على حالته التى ولد عليها لا يكتب ولا يقرأ المكتوب وقيل نسبة إلى أم القرى وهى مكة ) الذي يجدونه ( يعني اليهود والنصارى أي يجدون نعته ) مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ( وهما مرجعهم في الدين وهذا الكلام منه سبحانه مع موسى هو قبل نزول الإنجيل فهو من باب الإخبار بما سيكون ثم وصف هذا النبي الذى يجدونه كذلك بأنه يأمر بالمعروف أي بكل ما تعرفه القلوب ولا تنكره من الأشياء التى هى من مكارم الأخلاق ) وينهاهم عن المنكر ( أ ي ما تنكره القلوب ولا تعرفه وهو ما كان من مساوى الأخلاق قيل إن قوله ) يأمرهم بالمعروف ( إلى قوله ) أولئك هم المفلحون ( كلام يتضمن تفصيل أحكام الرحمة التى وعد بها ذكر معناه الزجاج وقيل هو في محل نصب على الحال من النبي صلى وقيل هو مفسر لقوله ) مكتوبا ( قوله ) ويحل لهم الطيبات ( أي المستلذات وقيل يحل لهم ما حرم عليهم من الأشياء التى حرمت عليهم بسبب ذنوبهم ) ويحرم عليهم الخبائث ( أي المستخبئات كالحشرات والخنازير ) ويضع عنهم إصرهم ( الإصر الثقل أي يضع عنهم التكاليف الشاقة الثقيلة وقد تقدم بيانه في البقرة ) والأغلال التي كانت عليهم ( أي ويضع عنهم الأغلال التى كانت عليهم الأغلال مستعارة للتكاليف الشاقة التى كانوا قد كلفوها ) فالذين آمنوا به ( أي بمحمد ( ﷺ ) ) واتبعوه ( فيما


الصفحة التالية
Icon