"""""" صفحة رقم ٢٦٥ """"""
الأعراف :( ١٧٥ ) واتل عليهم نبأ.....
قوله ) واتل ( معطوف على الأفعال المقدرة فى القصص السابقة وإيراد هذه القصة منه سبحانه وتذكير أهل الكتاب بها لأنها كانت مذكورة عندهم فى التوراة وقد اختلف فى هذا الذى أوتى الآيات ) فانسلخ منها ( فقيل هو بلعم بن باعوراء وكان قد حفظ بعض الكتب المنزلة وقيل كان قد أوتى النبوة وكان مجاب الدعوة بعثه الله إلى مدين يدعوهم إلى الإيمان فأعطوه الأغطية الواسعة فاتبع دينهم وترك ما بعث به فلما أقبل موسى فى بنى إسرائيل لقتال الجبارين سأل الجبارون بلعم بن باعوراء أن يدعو على موسى فقام ليدعو عليه فتحول لسانه بالدعاء على أصحابه فقيل له في ذلك فقال لا أقدر على أكثر مما تسمعون واندلع لسانه على صدره فقال قد ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة فلم يبق إلا المكر والخديعة والحيلة وسأمكر لكم وإني أرى أن تخرجوا إليهم فتياتكم فإن الله يبغض الزنا فإن وقعوا فيه هلكوا فوقع بنو إسرائيل فى الزنا فأرسل الله عليهم الطاعون فمات منهم سبعون ألفا وقيل إن هذا الرجل اسمه باعم وهو من بنى إسرائيل وقيل المراد به أمية بن الصلت الثقفي وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مرسل رسولا فى ذلك فلما أرسل الله محمدا ( ﷺ ) حسده وكفر به وقيل هو أبو عامر بن صيفى وكان يلبس المسوح فى الجاهلية فكفر بمحمد ( ﷺ ) وقيل نزلت فى قريش آتاهم الله آياته التى أنزلها على محمد ( ﷺ ) فكفروا بها وقيل نزلت فى اليهود والنصارى انتظروا خروج محمد ( ﷺ ) فكفروا به قوله ) فانسلخ منها ( أي من هذه الآيات التى أوتيها كما تنسلخ الشاة عن جلدها فلم يبق له بها اتصال ) فأتبعه الشيطان ( عند انسلاخه عن الآيات أي لحقه فأدركه وصار قرينا له أو فأتبعه خطواته وقرئ ) فأتبعه ( بالتشديد بمعنى تبعه ) فكان من الغاوين ( المتمكنين فى الغواية وهم الكفار
الأعراف :( ١٧٦ ) ولو شئنا لرفعناه.....
قوله ) ولو شئنا لرفعناه بها ( الضمير يعود إلى الذي أوتى الآيات والمعنى لو شئنا رفعه بما آتيناه من الآيات لرفعناه بها أي بسببها ولكن لم نشأ ذلك لانسلاخه عنها وتركه للعمل بها وقيل المعنى ولو شئنا لأمتناه قبل أن يعصى فرفعناه إلى الجنة بها أي بالعمل بها ) ولكنه أخلد إلى الأرض ( أصل الإخلاد اللزوم يقال أخلد فلان بالمكان إذا أقام به ولزمه والمعنى هنا أنه مال إلى الدنيا ورغب فيها وآثرها على الآخرة ) واتبع هواه ( أي اتبع ما يهواه وترك العمل بما يقتضيه العلم الذى علمه الله وهو حطام الدنيا وقيل كان هواه مع الكفار وقيل اتبع رضا زوجته وكانت هى التى حملته على الانسلاخ من آيات الله قوله ) فمثله كمثل الكلب ( أي فصار لما انسلخ عن الآيات ولم يعمل بها منحطا إلى أسفل رتبة مشابها لأخس الحيوانات فى الدناءة ممائلا له فى أقبح أوصافه وهو أنه يلهث فى كلا حالتي قصد الإنسان له وتركه فهو لاهث سواء زجر أو ترك طرد أو لم يطرد شد عليه أو لم يشد عليه وليس بعد هذا فى الخسة والدناءة شئ وجملة ) إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ( فى محل نصب على الحال أي مثله كمثل الكلب حال كونه متصفا بهذه الصفة والمعنى أن هذا المنسلخ عن الآيات لا يرعوى عن المعصية فى جميع أحواله سواء وعظه الواعظ وذكره المذكر وزجره الزاجر أو لم يقع شيء من ذلك قال القتيبي كل شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال وحال الراحة وحال المرض وحال الصحة وحال الرى وحال العطش فضربه الله مثلا لمن كذب بآياته فقال إن وعظته ضل وإن تركته ضل فهو كالكلب إن تركته لهث وإن طردته لهث كقوله تعالى ) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ( واللهث إخراج اللسان لتعب أو عطش أو غير ذلك قال الجوهري لهث الكلب بالفتح يلهث لهثا ولهاثا بالضم إذا أخرج لسانه من التعب أو العطش وكذلك الرجل إذا أعيا قيل معنى الآية أنك إذا حملت على الكلب نبح وولى هاربا وإن تركته شد عليك


الصفحة التالية
Icon