"""""" صفحة رقم ٣٤١ """"""
سورة براءة الآية ( ١٥ ١٦ )
التوبة :( ١٢ ) وإن نكثوا أيمانهم.....
قوله ) وإن نكثوا ( معطوف على ) فإن تابوا ( والنكث النقض وأصله نقض الخيط بعد إبرامه ثم استعمل في كل نقض ومنه نقض الأيمان والعهود على طريق الاستعارة ومعنى ) من بعد عهدهم ( أي من بعد أن عاهدوكم والمعنى أن الكفار إن نكثوا العهود التى عاهدوا بها المسلمين ووثقوا لهم بها وضموا إلى ذلك الطعن في دين الإسلام والقدح فيه فقد وجب على المسلمين قتالهم وأئمة الكفر جمع إمام والمراد صناديد المشركين
وأهل الرئاسة فيهم على العموم وقرأ حمزة أإمة وأكثر النحويين يذهب إلى أن هذا لحن لأن فيه الجمع بين همزتين في كلمة واحدة وقرأ الجمهور بجعل الهمزة الثانية بين بين أي بين مخرج الهمزة والياء وقريء بإخلاص الياء وهو لحن كما قال الزمخشري قوله ) إنهم لا أيمان لهم ( هذه الجملة تعليل لما قبلها والأيمان جمع يمين في قراءة الجمهور وقرأ ابن عامر ) لا أيمان لهم ( بكسر الهمزة والمعنى على قراءة الجمهور أن أيمان الكافرين وإن كانت في الصورة يمينا فهي في الحقيقة ليست بيمين وعلى القراءة الثانية أن هؤلاء الناكثين للأيمان الطاعنين في الدين ليسوا من أهل الإيمان بالله حتى يستحقوا العصمة لدمائهم وأموالهم فقتالهم واجب على المسلمين قوله ) لعلهم ينتهون ( أي عن كفرهم ونكثهم وطعنهم في دين الإسلام والمعنى أن قتالهم يكون إلى الغاية هى الانتهاء عن ذلك
وقد استدل بهذه الآية على أن الذمي إذا طعن في الدين لا يقتل حتى ينكث العهد كما قال أبو حنيفة لأن الله إنما أمر بقتلهم بشرطين أحدهما نقض العهد والثاني الطعن في الدين وذهب مالك والشافعي وغيرهما إلى أنه إذا طعن في الدين قتل لأنه ينتقض عهده بذلك قالوا وكذلك إذا حصل من الذمي مجرد النكث فقط من دون طعن في الدين فإنه يقتل
التوبة :( ١٣ ) ألا تقاتلون قوما.....
قوله ) ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم ( الهمزة الداخلة على حرف النفي للاستفهام التوبيخي مع ما يستفاد منها من التخضيض على القتال والمبالغة في تحققه والمعنى أن من كان حاله كحال هؤلاء من نقض العهد وإخراج الرسول من مكة والبداءة بالقتال فهو حقيق بأن لا يترك قتاله وأن يوبخ من فرط في ذلك ثم زاد في التوبيخ فقال ) أتخشونهم ( فإن هذا الاستفهام للتوبيخ والتقريع أي تخشون أن ينالكم منهم مكروه فتتركون قتالهم لهذه الخشية ثم بين ما يجب أن يكون الأمر عليه فقال ) فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ( أي هو أحق بالخشية منكم فإنه الضار النافع بالحقيقة ومن خشيتكم له أن تقاتلوا من أمركم بقتاله فإن قضية الإيمان توجب ذلك عليكم
التوبة :( ١٤ ) قاتلوهم يعذبهم الله.....
ثم زاد في تأكيد الأمر بالقتال فقال ) قاتلوهم ( ورتب على هذا الأمر فوائد الأولى تعذيب الله للكفار بأيدي المؤمنين بالقتل والأسر والثانية إخزاؤهم قيل بالأسر وقيل بما نزل بهم من الذل والهوان والثانية نصر المسلمين عليهم وغلبتهم لهم والرابعة أن الله يشفى بالقتال صدور قوم مؤمنين ممن لم يشهد القتال ولا حضره
التوبة :( ١٥ ) ويذهب غيظ قلوبهم.....
والخامسة أنه سبحانه يذهب بالقتال غيظ قلوب المؤمنين الذى نالهم بسبب ما وقع من الكفار من الأمور الجالبة للغيظ وحرج الصدر فإن قيل شفاء الصدور وإذهاب غيظ القلوب كلاهما بمعنى فيكون


الصفحة التالية
Icon