"""""" صفحة رقم ٣٤٥ """"""
إذا لم تبلغ أعمال الكفار إلى أن تكون مساوية لأعمال المسلمين فكيف تكون فاضلة عليها كما يزعمون ثم حكم عليهم بالظلم وأنهم مع ظلمهم بما هم فيه من الشرك لا يستحقون الهداية من الله سبحانه وفي هذا إشارة إلى الفريق المفضول
التوبة :( ٢٠ ) الذين آمنوا وهاجروا.....
ثم صرح بالفريق الفاضل فقال ) الذين آمنوا ( إلى آخره أي الجامعون بين الإيمان والهجرة والجهاد بالأموال والأنفس ) أعظم درجة عند الله ( وأحق بما لديه من الخير من تلك الطائفة المشركة المفتخرة بأعمالها المحيطة الباطلة وفي قوله ) عند الله ( تشريف عظيم للمؤمنين والإشارة بقوله ) أولئك ( إلى المتصفين بالصفات المذكورة ) هم الفائزون ( أي المختصون بالفوز عند الله
التوبة :( ٢١ ) يبشرهم ربهم برحمة.....
ثم فسر الفوز بقوله ) يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم ( والتنكير في الرحمة والرضوان والجنات للتعظيم والمعنى أنها فوق وصف الواصفين وتصور المتصورين
والنعيم المقيم الدائم المستمر الذى لا يفارق صاحبه
التوبة :( ٢٢ ) خالدين فيها أبدا.....
وذكر الأبد بعد الخلود تأكيد له وجملة ) إن الله عنده أجر عظيم ( مؤكدة لما قبلها مع تضمنها للتعليل أي أعطاهم الله سبحانه هذه الأجور العظيمة لكون الأجر الذى عنده عظيم يهب منه ما يشاء لمن يشاء وهو ذو الفضل العظيم
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ) ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ( وقال ) إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ( فنفى المشركين من المسجد ) من آمن بالله ( يقول من وحد الله وآمن بما أنزل الله ) وأقام الصلاة ( يعني الصلوات الخمس ) ولم يخش إلا الله ( يقول لم يعبد إلا الله ) فعسى أولئك ( يقول أولئك هم المهتدون كقوله لنبيه ( ﷺ ) ) عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ( يقول إن ربك سيبعثك مقاما محمودا وهى الشفاعة وكل عسى في القرآن فهي واجبة
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدارمي والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن المنذر والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ( ﷺ ) إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان قال الله تعالى ) إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ( وقد وردت أحاديث كثيرة في استحباب ملازمة المساجد وعمارتها والتردد إليها للطاعات وأخرج مسلم وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن النعمان بن بشير قال كنت عند منبر رسول الله ( ﷺ ) في نفر من أصحابه فقال رجل منه ما أبالي أن لا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقى الحاج وقال آخر بل عمارة المسجد الحرام وقال آخر بل جهاد في سبيل الله خير ما قلتم فزجرهم عمر وقال لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله ( ﷺ ) وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله ( ﷺ ) فأستفتيه فيما اختلفتم فيه فأنزل الله ) أجعلتم سقاية الحاج ( إلى قوله ) لا يهدي القوم الظالمين ( وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ) أجعلتم سقاية الحاج ( الآية وذلك أن المشركين قالوا عمارة بيت الله وقيام على السقاية خير ممن آمن وجاهد فكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره فذكر الله سبحانه استكبارهم وإعراضهم فقال لأهل الحرم من المشركين ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون ( ) مستكبرين به سامرا تهجرون ( يعني أنهم كانوا يستكبرون بالحرم وقال به سامرا كانوا به يسمرون ويهجرون بالقرآن والنبي ( ﷺ ) فخير الإيمان بالله والجهاد مع نبي الله على عمران المشركين البيت وقيامهم على السعاية ولم يكن لينفعهم عند الله مع الشرك به وإن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه قال الله ) لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ( يعني الذين زعموا أنهم أهل العمارة فسماهم ظالمين بشركهم فلم تغن عنهم العمارة شيئا وفي إسناده العوفي وهو ضعيف وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن


الصفحة التالية
Icon