"""""" صفحة رقم ٣٦٩ """"""
المنافقين وسوء أفعالهم والإخبار بعظيم عداوتهم لرسول الله ( ﷺ ) وللمؤمنين فإن المساءة بالحسنة والفرح بالمصيبة من أعظم ما يدل على أنهم في العداوة قد بلغوا إلى الغاية ومعنى ) تولوا ( رجعوا إلى أهلهم عن مقامات الاجتماع ومواطن التحدث حال كونهم فرحين بالمصيبة التى أصابت المؤمنين ومعنى قولهم ) قد أخذنا أمرنا من قبل ( أي احتطنا لأنفسنا وأخذنا بالحزم فلم نخرج إلى القتال كما خرج المؤمنون حتى نالهم ما نالهم من المصيبة
التوبة :( ٥١ ) قل لن يصيبنا.....
ثم لما قالوا هذا القول أمر الله رسوله ( ﷺ ) بأن يجيب عليهم بقوله ) لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ( أي في اللوح المحفوظ أو في كتابه المنزل علينا وفائدة هذا الجواب أن الإنسان إذا علم أن ما قدره الله كائن وأن كل ما ناله من خير أو شر إنما هو بقدر الله وقضائه هانت عليه المصائب ولم يجد مرارة شماتة الأعداء وتشفي الحسدة ) هو مولانا ( أي ناصرنا وجاعل العاقبة لنا ومظهر دينه على جميع الأديان والتوكل على الله تفويض الأمور إليه والمعنى أن من حق المؤمنين أن يجعلوا توكلهم مختصا بالله سبحانه لا يتوكلون على غيره وقرأ طلحة بن مصرف ) يصيبنا ( بتشديد الياء وقرأ أعين قاضى الرى ) يصيبنا ( بنون مشددة وهو لحن لأن الخبر لا يؤكد ورد بمثل قوله تعالى ) هل يذهبن كيده ما يغيظ ( وقال الزجاج معناه لايصيبنا إلا ما اختصنا الله من النصرة عليكم أو الشهادة وعلى هذا القول يكون قوله ) قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ( تكريرا لغرض التأكيد والأول أولى حتى يكون كل واحد من الجوابين اللذين أمر الله سبحانه رسوله بأن يجيب عليهم بهما مفيدا لفائدة غير فائدة الآخر والتأسيس خير من التأكيد
التوبة :( ٥٢ ) قل هل تربصون.....
ومعنى ) هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ( هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخصلتين الحسنيين إما النصرة أو الشهادة وكلاهما مما يحسن لدينا والحسنى تأنيث الأحسن ومعنى الاستفهام التقريع والتوبيخ ) ونحن نتربص بكم ( إحدى المساءتين لكم إما ) أن يصيبكم الله بعذاب من عنده ( أي قارعة نازلة من السماء فيسحتكم بعذابه ) أو ( بعذاب لكم ) بأيدينا ( أي بإظهار الله لنا عليكم بالقتل والأسر والنهب والسبي والفاء في فتربصوا فصيحة والأمر للتهديد كما في قوله ) ذق إنك أنت العزيز الكريم ( أي تربصوا بنا ما ذكرنا من عاقبتنا فنحن معكم متربصون ما هو عاقبتكم فستنظرون عند ذلك ما يسرنا ويسوؤكم وقرأ البزى وابن فليح ) هل تربصون ( بإظهار اللام وتشديد التاء وقرأ الكوفيون بإدغام اللام في التاء وقرأ الباقون بإظهار اللام وتخفيف التاء
التوبة :( ٥٣ ) قل أنفقوا طوعا.....
قوله ) قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ( هذا الأمر معناه الشرط والجزاء لأن الله سبحانه لا يأمرهم بما لا يتقبله منهم والتقدير إن أنفقتم طائعين أو مكرهين فلن يتقبل منكم وقيل هو أمر في معنى الخبر أي أنفقتم طوعا أو كرها لن يتقبل منكم فهو كقوله ) استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ( وفيه الإشعار بتساوي الأمرين في عدم القبول وانتصاب طوعا أو كرها على الحال فهما مصدران في موقع المشتقين أي أنفقوا طائعين من غير أمر من الله ورسوله أو مكرهين بأمر منهما وسمى الأمر منهما إكراها لأنهم منافقون لا يأتمرون بالأمر فكانوا بأمرهم الذى لا يأتمرون به كالمكرهين على الإنفاق أو طائعين من غير إكراه من رؤسائكم أو مكرهين منهم وجملة ) إنكم كنتم قوما فاسقين ( تعليل لعدم قبول إنفاقهم والفسق التمرد والعتو وقد سبق بيانه لغة وشرعا
التوبة :( ٥٤ ) وما منعهم أن.....
ثم بين سبحانه السبب المانع من قبول نفقاتهم فقال ) وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ( أي كفرهم بالله وبرسوله جعل المانع من القبول ثلاثة أمور الأول الكفر الثاني أنهم لا يصلون في حال من الأحوال إلا في حال الكسل والتثاقل لأنهم لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا فصلاتهم ليست إلا رياء للناس وتظهرا بالإسلام الذى يبطنون خلافه والثالث أنهم لا ينفقون أموالهم إلا وهم كارهون ولا ينفقونها طوعا لأنهم يعدون إنفاقها وضعا لها في مضيعة لعدم إيمانهم بما وعد الله ورسوله
التوبة :( ٥٥ ) فلا تعجبك أموالهم.....
قوله ) فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ( الإعجاب بالشيء أن يسر به سرورا راض به


الصفحة التالية
Icon