"""""" صفحة رقم ٤٣٦ """"""
أمثالكم والذين جنسهم جنسكم متاع الحياة الدنيا ومنفعتها التى لا بقاء لها فيكون المراد بأنفسكم على هذا الوجه أبناء جنسهم وعبر عنهم بالأنفس لما يدركه الجنس على جنسه من الشفقة وقيل ارتفاع متاع على أنه خبر ثان وقيل على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي هو متاع قال النحاس على قراءة الرفع يكون بغيكم مرتفعا بالابتداء وخبره متاع الحياة الدنيا وعلى أنفسكم مفعول البغي ويجوز أن يكون خبره على أنفسكم ويضمر مبتدأ أي ذلك متاع الحياة الدنيا أو هو متاع الحياة الدنيا انتهى وقد نوقش أيضا بعض هذه الوجوه المذكورة في توجيه الرفع بما يطول به البحث في غير طائل والحاصل أنه إذا جعل خبر المتبدإ على أنفسكم فالمعنى أن ما يقع من البغي على الغير هو بغي على نفس الباغي باعتبار ما يؤول إليه الأمر من الانتقام منه مجازاة على بغيه وإن جعل الخبر متاع فالمراد أن بغى هذا الجنس الإنساني على بعضه بعضا هو سريع الزوال قريب الاضمحلال كسائر أمتعة الحياة الدنيا فإنها ذاهبة عن قرب متلاشية بسرعة ليس لذلك كثير فائدة ولا عظيم جدوى ثم ذكر سبحانه ما يكون على ذلك البغي من المجازاة يوم القيامة مع وعيد شديد فقال ) ثم إلينا مرجعكم ( وتقديم الخبر للدلالة على القصر والمعنى أنكم بعد هذه الحياة الدنيا ومتاعها ترجعون إلى الله فيجازى المسيء بإساءته والمحسن بإحسانه ) فننبئكم بما كنتم تعملون ( في الدنيا أي فنخبركم بما كنتم تعملون في الدنيا من خير وشر والمراد بذلك المجازاة كما تقول لمن أساء سأخبرك بما صنعت وفيه أشد وعيد وأفظع تهديد
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله ) فانتظروا إني معكم من المنتظرين ( قال خوفهم عذابه وعقوبته وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ) وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا ( قال استهزاء وتكذيب وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج فى قوله ) وظنوا أنهم أحيط بهم ( قال هلكوا وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص ما حاصله أن النبي ( ﷺ ) لما أهدر يوم الفتح دم جماعة منهم عكرمة بن أبي جهل هرب من مكة وركب البحر فأصابهم عاصف فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا فقال عكرمة لئن لم ينجني في البحر الإخلاص ما ينجيني في البر غيره اللهم إن لك عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتى محمدا حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما فجاء فأسلم وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم والخطيب في تاريخه والديلمي في مسند الفردوس عنه أنس قال قال رسول الله ( ﷺ ) ثلاث هن رواجع على أهلها المكر والنكث والبغي ثم تلا رسول الله ( ﷺ ) ) يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ( ) ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ( ) فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ( وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكرة قال قال رسول الله ( ﷺ ) لا تبغ ولا تكن باغيا فإن الله يقول إنما بغيكم على أنفسكم وأخرج أبو الشيخ عن مكحول قال ثلاث من كن فيه كن عليه المكر والبغي والنكث قال الله سبحانه ) إنما بغيكم على أنفسكم (
أقول أنا وينبغى أن يلحق بهذه الثلاث التى دل القرآن على أنها تعود على فاعلها الخدع فإن الله يقول ) يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم ( وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ﷺ ) لو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما وأخرج ابن مردويه من حديث ابن عمر مثله


الصفحة التالية
Icon