"""""" صفحة رقم ٤٥٣ """"""
وقيل راجع إلى الأنفس المدلول عليها بكل نفس ومعنى أسروا أخفوا أي لم يظهروا الندامة بل أخفوها لما قد شاهدوه في ذلك الموطن مما سلب عقولهم وذهب بتجلدهم ويمكن أنه بقي فيهم وهم على تلك الحالة عرق ينزعهم إلى العصبية التى كانوا عليها في الدنيا فأسروا الندامة لئلا يشمت بهم المؤمنون وقيل أسرها الرؤساء فيما بينهم دون أتباعهم خوفا من توبيخهم لهم لكونهم هم الذين أضلوهم وحالوا بينهم وبين الإسلام ووقوع هذا منهم كان عند رؤية العذاب وأما بعد الدخول فيه فهم الذين ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ( وقيل معنى أسروا أظهروا وقيل وجدوا ألم الحسرة في قلوبهم لأن الندامة لا يمكن إظهارها ومنه قول كثير فأسررت الندامة يوم نادى
برد جمال عاضرة المنادى
وذكر المبرد في ذلك وجهين الأول أنها بدت في وجوههم أسرة الندامة وهى الانكسار واحدها سرار وجمعها أسارير والثاني ما تقدم وقيل معنى ) وأسروا الندامة ( أخلصوها لأن إخفاءها إخلاصها و ) لما ( في قوله ) لما رأوا العذاب ( ظرف بمعنى حين منصوب بأسروا أو حرف شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه ) وقضي بينهم بالقسط ( أي قضى الله بين المؤمنين وبين الكافرين أو بين الرؤساء والأتباع أو بين الظالمين من الكفار والمظلومين وقيل معنى القضاء بينهم إنزال العقوبة عليهم القسط العدل وجملة ) وهم لا يظلمون ( في محل نصب على الحال أي لا يظلمهم الله فيما فعله بهم من العذاب الذى حل بهم فإنه بسبب ما كسبوا
يونس :( ٥٥ ) ألا إن لله.....
وجملة ) ألا إن لله ما في السماوات والأرض ( مسوقة لتقرير كمال قدرته لأن من ملك ما في السموات والأرض تصرف به كيف يشاء وغلب غير العقلاء لكونهم أكثر المخلوقات قيل لما ذكر سبحانه افتداء الكفار بما في الأرض لو كان لهم ذلك بين أن الأشياء كلها لله وليس لهم شيء يتمكنون من الافتداء به وقيل لما أقسم على حقية ما جاء به النبي ( ﷺ ) أراد أن يصحب ذلك بدليل البرهان البين بأن ما في العالم على اختلاف أنواعه ملكه يتصرف به كيف يشاء وفي تصدير الجملة بحرف التنبيه تنبيه للغافلين وإيقاظ للذاهلين ثم أكد ما سبق بقوله ) ألا إن وعد الله حق ( أي كائن لا محالة وهو عام يندرج فيه ما استعجلوه من العذاب اندراجا أوليا وتصدير الجملة بحرف التنبيه كما قلنا في التى قبلها مع الدلالة على تحقق مضمون الجملتين ) ولكن أكثر الناس ( أي الكفار ) لا يعلمون ( ما فيه صلاحهم فيعملون به وما فيه فسادهم فيجتنبونه
يونس :( ٥٦ ) هو يحيي ويميت.....
) هو يحيي ويميت ( يهب الحياة ويسلبها ) وإليه ترجعون ( في الدار الآخرة فيجازى كلا بما يستحقه ويتفضل على من يشاء من عباده
يونس :( ٥٧ ) يا أيها الناس.....
قوله ) يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ( يعني القرآن فيه ما يتعظ به من قرأه وعرف معناه والواعظ في الأصل هو التذكير بالعواقب سواء كان بالترغيب أو الترهيب والوعظ هو كالطبيب ينهى المريض عما يضره ومن في ) من ربكم ( متعلقة بالفعل وهو جاءتكم فتكون ابتدائية أو متعلقة بمحذوف فتكون تبعيضية ) وشفاء لما في الصدور ( من الشكوك التى تعترى بعض المرتابين لوجود ما يستفاد منه فيه من العقائد الحقة واشتماله على تزييف العقائد الباطلة والهدى الإرشاد لمن اتبع القرآن وتفكر فيه وتدبر معانيه إلى الطريق الموصلة إلى الجنة والرحمة هى ما يوجد في الكتاب العزيز من الأمور التى يرحم الله بها عباده فيطلبها من أراد ذلك حتى ينالها فالقرآن العظيم مشتمل على هذه الأمور
يونس :( ٥٨ ) قل بفضل الله.....
ثم أمر رسول الله ( ﷺ ) وجعل الخطاب معه بعد خطابه للناس على العموم فقال ) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ( المراد بالفضل من الله سبحانه هو تفضله على عباده في الآجل والعاجل بما لا يحيط به الحصر والرحمة رحمته لهم وروى عن ابن عباس أنه قال فضل الله القرآن ورحمته الإسلام وروى عن الحسن والضحاك ومجاهد وقتادة أن فضل الله الإيمان ورحمته القرآن