"""""" صفحة رقم ٤٦٥ """"""
) أسحر هذا ( من قولهم وقال الأخفش هو من قولهم وفيه نظر لما قدمنا وقيل معنى ) أتقولون ( أتعيبون الحق وتطعنون فيه وكان عليكم أن تذعنوا له ثم قال أسحر هذا منكرا لما قالوه وقيل إن مفعول ) أتقولون ( محذوف وهو ما دل عليه قولهم ) إن هذا لسحر ( والتقدير أتقولون ما تقولون يعني قولهم إن هذا لسحر مبين ثم قيل أسحر هذا وعلى هذا التقدير والتقدير الأول فتكون جملة ) أسحر هذا ( مستأنفة من جهة موسى عليه السلام والاستفهام للتقريع والتوبيخ بعد الجملة الأولى المستأنفة الواقعة جواب سؤال مقدر كأنه قيل ماذا قال لهم موسى لما قالوا إن هذا لسحر مبين فقيل قال أتقولون للحق لما جاءكم على طريقة الاستفهام الإنكاري والمعنى أتقولون للحق لما جاءكم إن هذا لسحر مبين وهو أبعد شئ من السحر ثم أنكر عليهم وقرعهم ووبخهم فقال ) أسحر هذا ( فجاء موسى عليه السلام بإنكار بعد إنكار وتوبيخ بعد توبيخ وتجهيل بعد تجهيل وجملة ) ولا يفلح الساحرون ( في محل نصب على الحال أي أتقولون للحق إنه سحر والحال أنه لا يفلح الساحرون فلا يظفرون بمطلوب ولا يفوزون بخير ولا ينجون من مكروه فكيف يقع في هذا من هو مرسل من عند الله وقد أيده بالمعجزات والبراهين الواضحة
يونس :( ٧٨ ) قالوا أجئتنا لتلفتنا.....
وجملة ) قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا ( مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قالوا بعد أن قال لهم موسى ما قال وفي هذا ما يدل على أنهم انقطعوا عن الدليل وعجزوا عن إبراز الحجة ولم يجحدوا ما يجيبون به عما أورده عليهم بل لجئوا إلى ما يلجأ إليه أهل الجهل والبلادة وهو الاحتجاج بما كان عليه آباؤهم من الكفر وضموا إلى ذلك ما هو غرضهم وغاية مطلبهم وسبب مكابرتهم للحق وجحودهم للآيات البينة وهو الرياسة الدنيوية التى خافوا عليها وظنوا أنها ستذهب عنهم إن آمنوا وكم بقى على الباطل وهو يعلم أنه باطل بهذه الذريعة من طوائف هذا العالم في سابق الدهر ولاحقه فمنهم من حبسه ذلك عن الخروج من الكفر ومنهم من حبسه عن الخروج إلى السنة من البدعة وإلى الرواية الصحيحة من الرأي البحث يقال لفته لفتا إذا صرفه عن الشيء ولواه عنه ومنه قول الشاعر تلفت نحو الحي حتى رأيتني
وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا
أي تريد أن تصرفنا عن الشيء الذى وجدنا عليه آباءنا وهو عبادة الأصنام والمراد بالكبرياء الملك قال الزجاج سمى الملك كبرياء لأنه أكبر ما يطلب من أمر الدنيا وقيل سمى بذلك لأن الملك يتكبر
والحاصل أنهم عللوا عدم قبولهم دعوة موسى بأمرين التمسك بالتقليد للآباء والحرص على الرياسة الدنيوية لأنهم إذا أجابوا النبي وصدقوه صارت مقاليد أمر أمته إليه ولم يبق للملك رئاسة تامة لأن التدبير للناس بالدين يرفع تدبير الملوك لهم بالسياسات والعادات ثم قالوا ) وما نحن لكما بمؤمنين ( تصريحا منهم بالتكذيب وقطعا للطمع في إيمانهم وقد أفرد الخطاب لموسى في قولهم أجئتنا لتلفتنا ثم جمعوا بينه وبين هارون في الخطاب في قولهم ) وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين ( ووجه ذلك أنهم أسندوا المجيء والصرف عن طريق آبائهم إلى موسى لكونه المقصود بالرسالة المبلغ عن الله ما شرعه لهم وجمعوا بينهما في الضميرين الآخرين لأن الكبرياء شامل لهما في زعمهم ولكون ترك الإيمان بموسى يستلزم ترك الإيمان بهارون وقد مرت القصة في الأعراف
يونس :( ٧٩ ) وقال فرعون ائتوني.....
قوله ) وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم ( قال هكذا لما رأى اليد البيضاء والعصا لأنه اعتقد أنهما من السحر فأمر قومه بأن يأتوه بكل ساحر عليم هكذا قرأ حمزة والكسائي وابن وثاب والأعمش سحار وقرأ الباقون ساحر وقد تقدم الكلام على هذا في الأعراف والسحار صيغة مبالغة أي كثير السحر كثير العلم بعمله وأنواعه
يونس :( ٨٠ ) فلما جاء السحرة.....
) فلما جاء السحرة (