"""""" صفحة رقم ٤٨١ """"""
( ﷺ ) بأنه نذير وبشير فقال ) إنني لكم منه نذير وبشير ( أي ينذرهم ويخوفهم من عذابه لمن عصاه ويبشرهم بالجنة والرضوان لمن أطاعه والضمير في منه راجع إلى الله سبحانه أي إنني لكم نذير وبشير من جهة الله سبحانه وقيل هو من كلام الله سبحانه كقوله ) ويحذركم الله نفسه )
هود :( ٣ ) وأن استغفروا ربكم.....
قوله ) وأن استغفروا ربكم ( معطوف على ألا تعبدوا والكلام في أن هذه كالكلام في التى قبلها وقوله ) ثم توبوا إليه ( معطوف على استغفروا وقدم الإرشاد إلى الاستغفار على التوبة لكونه وسيلة إليها وقيل إن التوبة من متممات الاستغفار وقيل معنى استغفروا توبوا ومعنى توبوا أخلصوا التوبة واستقيموا عليها وقيل استغفروا من سالف الذنوب ثم توبوا من لاحقها وقيل استغفروا من الشرك ثم ارجعوا إليه بالطاعة قال الفراء ثم هاهنا بمعنى الواو أي وتوبوا إليه لأن الاستغفار هو التوبة والتوبة هى الاستغفار وقيل إنما قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هى الغرض المطلوب والتوبة هى السبب إليها وما كان آخرا في الحصول كان أولا في الطلب وقيل استغفروا في الصغائر وتوبوا إليه في الكبائر ثم رتب على ما تقدم أمرين الأول ) يمتعكم متاعا حسنا ( أصل الإمتاع الإطالة ومنه أمتع الله بك فمعنى الآية بطول نفعكم في الدنيا بمنافع حسنة مرضية من سعة الرزق ورغد العيش ) إلى أجل مسمى ( إلى وقت مقدر عند الله وهو الموت وقيل القيامة وقيل دخول الجنة والأول أولى والأمر الثاني قوله ) ويؤت كل ذي فضل فضله ( أي يعط كل ذي فضل في الطاعة والعمل فضله أي جزاء فضله إما في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا والضمير في فضله راجع إلى كل ذي فضل وقيل راجع إلى الله سبحانه على معنى أن الله يعطي كل من فضلت حسناته فضله الذى يتفضل به على عباده ثم توعدهم على مخالفة الأمر فقال ) وإن تولوا ( أي تتولوا وتعرضوا عن الإخلاص في العبادة والاستغفار والتوبة ) فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ( وهو يوم القيامة ووصفه بالكبر لما فيه من الأهوال وقيل اليوم الكبير يوم بدر
هود :( ٤ ) إلى الله مرجعكم.....
ثم بين سبحانه عذاب اليوم الكبير بقوله ) إلى الله مرجعكم ( أي رجوعكم إليه بالموت ثم البعث ثم الجزاء لا إلى غيره ) وهو على كل شيء قدير ( ومن جملة ذلك عذابكم على عدم الامتثال وهذه الجملة مقررة لما قبلها
هود :( ٥ ) ألا إنهم يثنون.....
ثم أخبر الله سبحانه بأن هذا الإنذار والتحذير والتوعد لم ينجع فيهم ولا لانت له قلوبهم بل هم مصرون على العناد مصممون على الكفر فقال مصدرا لهذا الإخبار بكلمة التنبيه الدالة على التعجب من حالهم وأنه أمر ينبغي أن يتنبه له العقلاء ويفهموه ) ألا إنهم يثنون صدورهم ( يقال ثنى صدره عن الشيء إذا ازور عنه وانحرف منه فيكون في الكلام كناية عن الإعراض لأن من أعرض عن الشيء ثنى عنه صدره وطوى عنه كشحه وقيل معناه يعطفون صدورهم على ما فيها من الكفر والإعراض عن الحق فيكون في الكلام كناية عن الإخفاء لما يعتقدونه من الكفر كما كان دأب المنافقين والوجه الثاني أولى ويؤيده قوله ) ليستخفوا منه ( أي ليستخفوا من الله فلا يطلع عليه رسوله والمؤمنين أو ليستخفوا من رسول الله ( ﷺ ) ثم كرر كلمة التنبيه مبينا للوقت الذى يثنون فيه صدورهم فقال ) ألا حين يستغشون ثيابهم ( أي يستخفون في وقت استغشاء الثياب وهو التغطي بها وقد كانوا يقولون إذا أغلقنا أبوابنا واستغشينا ثيابنا وثنينا صدورنا على عداوة محمد فمن يعلم بنا وقيل معنى حين يستغشون حين يأوون إلى فراشهم ويتدثرون بثيابهم وقيل إنه حقيقة وذلك أن بعض الكفار كان إذا مر به رسول الله ( ﷺ ) ثنى صدره وولى ظهره واستغشى ثيابه لئلا يسمع كلام رسول الله ( ﷺ ) وجملة ) يعلم ما يسرون وما يعلنون ( مستأنفة لبيان أنه لا فائدة لهم في الاستخفاء لأن الله سبحانه يعلم ما يسرونه في أنفسهم أو في ذات بينهم وما يظهرونه فالظاهر والباطن عنده سواء والسر والجهر سيان وجملة ) إنه عليم بذات الصدور ( تعليل لما قبلها وتقرير له