"""""" صفحة رقم ٥١٩ """"""
الحلال بعد إيفاء الحقوق بالقسط أكثر خيرا وبركة مما تبقونه لأنفسكم من التطفيف والبخس والفساد في الأرض ذكر معناه ابن جرير وغيره من المفسرين وقال مجاهد بقية الله طاعته وقال الربيع وصيته وقال الفراء مراقبته وإنما قيد ذلك بقوله ) إن كنتم مؤمنين ( لأن ذلك إنما ينتفع به المؤمن لا الكافر أو المراد بالمؤمنين هنا المصدقون لشعيب ) وما أنا عليكم بحفيظ ( أحفظكم من الوقوع في المعاصي من التطفيف والبخس وغيرهما أو أحفظ عليكم أعمالكم وأحاسبكم بها وأجازيكم عليها
هود :( ٨٧ ) قالوا يا شعيب.....
وجملة ) قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ( مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قالوا لشعيب وقرئ ) أصلاتك ( بالإفراد وأن نترك في موضع نصب وقال الكسائي موضعها خفض على إضمار الباء ومرادهم بما يعبد آباؤهم ما كانوا يعبدون من الأوثان والاستفهام للإنكار عليه والاستهزاء به لأن الصلوات عندهم ليست من الخير الذى يقال لفاعله عند إرادة تليين قلبه وتذليل صعوبته كما يقال لمن كان كثير الصدقة إذا فعل ما لا يناسب الصواب أصدقتك أمرتك بهذا وقيل المراد بالصلاة هنا القراءة وقيل المراد بها الدين وقيل المراد بالصلوات أتباعه ومنه المصلى الذى يتلو السابق وهذا منهم جواب لشعيب عن أمره لهم بعبادة الله وحده وقولهم ) أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ( جواب له عن أمرهم بإيفاء الكيل والوزن ونهيهم عن نقصهما وعن بخس الناس وعن العثي في الأرض وهذه الجملة معطوفة على ) ما ( في ما يعبد آباؤنا والمعنى أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا وتأمرك أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء من الأخذ والإعطاء والزيادة والنقص وقرئ ؟ تفعل ما تشاء ؟ بالفوقية فيهما قال النحاس فتكون أو على هذه القراءة للعطف على أن الأولى والتقدير ألواتك تأمرك أن تفعل في أموالنا ما تشاء وقريء نفعل بالنون وما تشاء بالفوقية ومعناه أصلواتك تأمرك أن تفعل نحن في أموالنا ما تشاؤه أنت وندع ما نشاؤه نحن وما يجري به التراضي بيننا ثم وصفوه بوصفين عظيمين فقالوا ) إنك لأنت الحليم الرشيد ( على طريقة التهكم به لأنهم يعتقدون أنه على خلافهما أو يريدون إنك لأنت الحليم الرشيد عند نفسك وفي اعتقادك ومعناهم أن هذا الذى نهيتنا عنه وأمرتنا به يخالف ما تعتقده في نفسك من الحلم والرشد وقيل إنهم قالوا ذلك لا على طريقة الاستهزاء بل هو عندهم كذلك وأنكروا عليه الأمر والنهي منه لهم بما يخالف الحلم والرشد في اعتقادهم
قد تقدم تفسير الحلم والرشد
هود :( ٨٨ ) قال يا قوم.....
وجملة ) قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ( مستأنفة كالجمل التى قبلها والمعنى أخبروني إن كنت على حجة واضحة من عند ربي فيما أمرتكم به ونهيتكم عنه ) ورزقني منه ( أي من فضله وخزائن ملكه ) رزقا حسنا ( أي كثيرا واسعا حلالا طيبا وقد كان عليه السلام كثير المال وقيل أراد بالرزق النبوة وقيل الحكمة وقيل العلم وقيل التوفيق وجواب الشرط محذوف يدل عليه سياق الكلام تقديره أترك أمركم ونهيكم أو أتقولون في شأني ما تقولون مما تريدون به السخرية والاستهزاء ) وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ( أي وما أريد بنهي لكم عن التطفيف والبخس أن أخالفكم إلى ما نهيتكم عنه فأفعله دونكم يقال خالفه إلى كذا إذا قصده وهو مول عنه وخالفته عن كذا في عكس ذلك ) إن أريد إلا الإصلاح ( أي ما أريد بالأمر والنهي إلا لإصلاح لكم ودفع الفساد في دينكم ومعاملاتكم ) ما استطعت ( ما بلغت إليه استطاعتي وتمكنت منه طاقتي ) وما توفيقي إلا بالله ( أي ما صرت موفقا هاديا نبيا مرشدا إلا بتأييد الله سبحانه وإقداري عليه ومنحي إياه ) عليه توكلت ( في جميع أموري التى منها أمركم ونهيكم ) وإليه أنيب ( أي أرجع في كل ما نابني من الأمور وأفوض جميع أموري إلى ما يختاره لي من قضائه وقدره وقيل معناه وإليه أرجع في الآخرة وقيل إن الإنابة الدعاء ومعناه وله أدعوا
هود :( ٨٩ ) ويا قوم لا.....
قوله ) ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي ( قال الزجاج معناه لا يكسبنكم شقاقي إصابة العذاب