"""""" صفحة رقم ١٠ """"""
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت
فإنما هي إقبال وإدبار
والقراءة الثانية مأخوذة من رعي الغنم وقرأ مجاهد وقتادة ) يرتع ويلعب ( بالتحتية فيهما ورفع يلعب على الاستئناف والضمير ليوسف وقال القتيبي معنى نرتع نتحارس ونتحافظ ويرعى بعضنا بعضا من قولهم رعاك الله أي حفظك ونلعب من اللعب قيل لأبي عمرو بن العلاء كيف قالوا ونلعب وهم أنبياء فقال لم يكونوا يومئذ أنبياء وقيل المراد به اللعب المباح من الأنبياء وهو مجرد الانبساط وقيل هو اللعب الذي يتعلمون به الحرب ويتقوون به عليه كما في قولهم ) إنا ذهبنا نستبق ( لا اللعب المحظور الذي هو ضد الحق ولذلك لم ينكر يعقوب عليهم لما قالوا ونلعب ومنه قوله ( ﷺ ) لجابر فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك
يوسف :( ١٣ ) قال إني ليحزنني.....
فأجابهم يعقوب بقوله ) إني ليحزنني أن تذهبوا به ( أي ذهابكم به واللام في ) ليحزنني ( لام الابتداء للتأكيد ولتخصيص المضارع بالحال أخبرهم أنه يحزن لغيبة يوسف عنه لفرط محبته له وخوفه عليه ) وأخاف أن يأكله الذئب ( أي ومع ذلك أخاف أن يأكله الذئب قال يعقوب هذا تخوفا عليه منهم فكنى عن ذلك بالذئب وقيل إنه خاف أن يأكله الذئب حقيقة لأن ذلك المكان كان كثير الذئاب ولو خاف منهم عليه أن يقتلوه لأرسل معهم من يحفظه قال ثعلب والذئب مأخوذ من تذأبت الريح إذا هاجت من كل وجه قال والذئب مهموز لأنه يجيء من كل وجه وقد قرأ ابن كثير ونافع في رواية عنه بالهمز على الأصل وكذلك أبو عمرو في رواية عنه وابن عامر وعاصم وحمزة وقرأ الباقون بالتخفيف ) وأنتم عنه غافلون ( لاشتغالكم بالرتع واللعب أو لكونهم غير مهتمين بحفظه
يوسف :( ١٤ ) قالوا لئن أكله.....
) قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة ( اللام هي الموطئة للقسم والمعنى والله لئن أكله الذئب والحال إن نحن عصبة أي جماعة كثيرة عشرة ) إنا إذا لخاسرون ( أي إنما فى ذلك الوقت وهو أكل الذئب له لخاسرون هالكون ضعفا وعجزا أو مستحقون للهلاك لعدم الاعتداد بنا وانتفاء القدرة على أيسر شيء وأقله أو مستحقون لأن يدعى علينا بالخسار والدمار وقيل لخاسرون لجاهلون حقه وهذه الجملة جواب القسم المقدر في الجملة التي قبلها
يوسف :( ١٥ ) فلما ذهبوا به.....
) فلما ذهبوا به ( من عند يعقوب ) وأجمعوا ( أمرهم ) أن يجعلوه في غيابة الجب ( قد تقدم تفسير الغيابة والجب قريبا وجواب لما محذوف لظهوره ودلالة المقام عليه والتقدير فعلوا به ما فعلوا وقيل جوابه ) قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق ( وقيل الجواب المقدر جعلوه فيها وقيل الجواب أوحينا والواو مقحمة ومثله قوله تعالى ) فلما أسلما وتله للجبين وناديناه ( أي ناديناه ) وأوحينا إليه ( أي إلى يوسف تيسيرا له وتأنيسا لوحشته مع كونه صغيرا اجتمع على إنزال الضرر به عشرة رجال من إخوته بقلوب غليظة فقد نزعت عنها الرحمة وسلبت منها الرأفة فإن الطبع البشري دعا عنك الدين يتجاوز عن ذنب الصغير ويغتفره لضعفه عن الدفع وعجزه عن أيسر شيء يراد منه فكيف بصغير لا ذنب له بل كيف بصغير هو أخ وله ولهم أب مثل يعقوب فلقد أبعد من قال إنهم كانوا أنبياء فى ذلك الوقت فما هكذا عمل الأنبياء ولا فعل الصالحين وفى هذا دليل على أنه يجوز أن يوحى الله إلى من كان صغيرا ويعطيه النبوة حينئذ كما وقع في عيسى ويحيى بن زكريا وقد قيل إنه كان في ذلك الوقت قد بلغ مبالغ الرجال وهو بعيد جدا فإن من كان قد بلغ مبالغ الرجال لا يخاف عليه أن يأكله الذئب ) لتنبئنهم بأمرهم هذا ( أي لتخبرن إخوتك بأمرهم هذا الذي فعلوه معك بعد خلوصك مما أرادوه بك من الكيد وأنزلوه عليك من الضرر وجملة ) وهم لا يشعرون ( في محل نصب على الحال أي لا يشعرون بأنك أخوهم يوسف لاعتقادهم هلاكك بإلقائهم لك في غيابة الجب ولبعد عهدهم بك ولكونك قد صرت عند ذلك في حال غير ما كنت عليه وخلاف ما عهدوه منك وسيأتي ما قاله لهم عند دخولهم عليه بعد أن صار إليه ملك مصر