"""""" صفحة رقم ١٠١ """"""
يبتلعه يقال ساغ الشراب فى الحلق يسوغ سوغا إذا كان سهلا والمعنى ولا يقارب إساغته فكيف تكون الإساغة بل يغص به فيطول عذابه بالعطش تارة ويشربه على هذه الحال أخرى وقيل إنه يسيغه بعد شدة وإبطاء كقوله ) وما كادوا يفعلون ( أي يفعلون بعد إبطاء كما يدل عليه قوله تعالى فى آية أخرى يصهر به ما فى بطونهم ) ويأتيه الموت من كل مكان ( أى تأتيه أسباب الموت من كل جهة من الجهات أو من كل موضع من مواضع بدنه وقال الأخفش المراد بالموت هنا البلايا التى تصيب الكافر فى النار سماها موتا لشدتها ) وما هو بميت ( أى والحال أنه لم يمت حقيقة فيستريح وقيل تعلق نفسه فى حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فيحيا ومثله قوله تعالى ) لا يموت فيها ولا يحيى ( وقيل معنى وما هو بميت لتطاول شدائد الموت به وامتداد سكراته عليه والأولى تفسير الآية بعدم الموت حقيقة لما ذكرنا من قوله سبحانه ) لا يموت فيها ولا يحيى ( وقوله ) لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ( ) ومن ورائه عذاب غليظ ( أى من أمامه أو من بعده عذاب شديد وقيل هو الخلود وقيل حبس النفس
إبراهيم :( ١٨ ) مثل الذين كفروا.....
) مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد ( قال سيبويه مثل مرتفع على الابتداء والخبر مقدر أى فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا وبه قال الزجاج وقال الفراء التقدير مثل أعمال الذين كفروا فحذف المضاف وروى عنه أنه قال بإلغاء مثل والتقدير الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد وقيل هو أعنى مثل مبتدأ وخبره أعمالهم كرماد على أن معناه الصفة فكأنه قال صفتهم العجيبة أعمالهم كرماد والمعنى أن أعمالهم باطلة غير مقبولة والرماد ما يبقى بعد احتراق الشئ ضرب الله سبحانه هذه الآية مثلا لأعمال الكفار فى أنه يمحقها كما تمحق الريح الشديدة الرماد في يوم عاصف ومعنى اشتدت به الريح حملته بشدة وسرعة والعصف شدة الريح وصف به زمانها مبالغة كما يقال يوم حار ويوم بارد والبرد والحر فيهما لا منهما ) لا يقدرون مما كسبوا على شيء ( أى لا يقدر الكفار مما كسبوا من تلك الأعمال الباطلة على شئ منها ولا يرون له أثرا فى الآخرة يجازون به ويثابون عليه بل جميع ما عملوه فى الدنيا باطل ذاهب كذهاب الريح بالرماد عند شدة هبوبها والإشارة بقوله ) ذلك ( إلى ما دل عليه التمثيل أى هذا البطلان لأعمالهم وذهاب أثرها ) هو الضلال البعيد ( عن طريق الحق المخالف لمنهج الصواب لما كان هذا خسرانا لا يمكن تداركه سماه بعيدا
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وابن مردويه عن ابن عباس فى قوله ) لنخرجنكم من أرضنا ( الآية قال كانت الرسل والمؤمنون يستضعفهم قومهم ويقهرونهم ويكذبونهم ويدعونهم إلى أن يعودوا فى ملتهم فأبى الله لرسوله والمؤمنين أن يعودوا فى ملة الكفر وأمرهم أن يتوكلوا على الله وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة ووعدهم أن يسكنهم الأرض من بعدهم فأنجز لهم ما وعدهم واستفتحوا كما أمرهم الله أن يستفتحوا وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن قتادة فى الآية قال وعدهم النصر فى الدنيا والجنة فى الآخرة فبين الله من يسكنها من عباده فقال ) ولمن خاف مقام ربه جنتان ( وإن لله مقاما هو قائمه وإن أهل الإيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا ودأبوا الليل والنهار وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن مجاهد فى قوله ) واستفتحوا ( قال للرسل كلها يقول استنصروا وفى قوله ) وخاب كل جبار عنيد ( قال معاند للحق مجانب له وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة فى الآية قال استنصرت الرسل على قومها ) وخاب كل جبار عنيد ( يقول عنيد عن الحق معرض عنه أبى أن يقول لا إله إلا الله وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال العنيد الناكب عن الحق وأخرج أحمد والترمذى والنسائي وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن جرير وابن


الصفحة التالية
Icon