"""""" صفحة رقم ١٠٦ """"""
سورة إبراهيم الآية ( ٢٦ ٢٧ )
إبراهيم :( ٢٤ ) ألم تر كيف.....
لما ذكر سبحانه مثل أعمال الكفار وأنها كرماد اشتدت به الريح ثم ذكر نعيم المؤمنين وما جازاهم الله به من إدخالهم الجنة خالدين فها وتحية الملائكة لهم ذكر تعالى ها هنا مثلا للكلمة الطيبة وهى كلمة الإسلام أى لا إله إلا الله أو ما هو أعم من ذلك من كلمات الخير وذكر مثلا للكلمة الخبيثة وهى كلمة الشرك أو ما هو أعم من ذلك من كلمات الشر فقال مخاطبا لرسول الله ( ﷺ ) أو مخاطبا لمن يصلح للخطاب ) ألم تر كيف ضرب الله مثلا ( أى اختار مثلا وضعه فى موضعه اللائق به وانتصاب مثلا على أنه مفعول ضرب وكلمة بدل منه ويجوز أن تنتصب الكلمة على أنها عطف بيان لمثلا ويجوز أن تنتصب الكلمة بفعل مقدر أى جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة وحكم بأنها مثلها ومحل كشجرة النصب على أنها صفة لكلمة أو الرفع على تقدير مبتدأ أى هى كشجرة ويجوز أن تكون كلمة أول مفعولى ضرب وأخرت عن المفعول الثاني وهو مثلا لئلا تبعد عن صفتها والأول أولى وكلمة وما بعدها تفسير للمثل ثم وصف الشجرة بقوله ) أصلها ثابت ( أى راسخ آمن من الانقلاع بسبب تمكنها من الأرض بعروقها ) وفرعها في السماء ( أى أعلاها ذاهب إلى جهة السماء مرتفع فى الهواء
إبراهيم :( ٢٥ ) تؤتي أكلها كل.....
ثم وصفها سبحانه بأنه ) تؤتي أكلها كل حين ( كل وقت بإذن ربها بإرادته ومشيئته قيل وهى النخلة وقيل غيرها قيل والمراد بكونها ) تؤتي أكلها كل حين ( أى كل ساعة من الساعات من ليل أو نهار فى جميع الأوقات من غير فرق بين شتاء وصيف وقيل المراد فى أوقات مختلفة من غير تعيين وقيل كل غدوة وعشية وقيل كل شهر وقيل كل ستة أشهر قال النحاس وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة لأن الخبر عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره وأنشد الأصمعى قول النابغة تطلقه حينا وحينا تراجع
قال النحاس وهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت وقد ورد الحين فى بعض المواضع يراد به أكثر كقوله ) هل أتى على الإنسان حين من الدهر ( وقد تقدم بيان أقوال العلماء فى الحين فى سورة البقرة فى قوله ) ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ( وقال الزجاج الحين الوقت طال أم قصر ) ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ( يتفكرون أحوال المبدإ والمعاد وبدائع صنعه سبحانه الدالة على وجوده ووحدانيته وفى ضرب الأمثال زيادة تذكير وتفهيم وتصوير للمعانى
إبراهيم :( ٢٦ ) ومثل كلمة خبيثة.....
) ومثل كلمة خبيثة ( قد تقدم تفسيرها وقيل هى الكافر نفسه والكلمة الطيبة المؤمن نفسه ) كشجرة خبيثة ( أى كمثل شجرة خبيثة قيل هى شجرة الحنظل وقيل هى شجرة الثوم وقيل الكمأة وقيل الطحلبة وقيل هى الكشوث بالضم وآخره مثلثة وهى شجرة لا ورق لها ولا عروق فى الأرض قال الشاعر
وهى كشوث فلا أصل ولا ثمر
وقرئ ؟ ومثلا كلمة ؟ بالنصب عطفا على كلمة طيبة ) اجتثت من فوق الأرض ( أى استؤصلت واقتلعت من أصلها ومنه قول الشاعر
هو الجلاء الذى يجتث أصلكم
قال المؤرخ أخذت جثتها وهى نفسها والجثة شخص الإنسان يقال جثة قلعه واجتثه اقتلعه ومعنى من فوق الأرض أنه ليس لها أصل راسخ وعروق متمكنة من الأرض ) ما لها من قرار ( أى من استقرار على الأرض وقيل من ثبات على الأرض كما أن الكافر وكلمته لا حجة له ولا ثبات فيه ولا خير يأتى منه أصلا ولا يصعد له قول طيب ولا عمل طيب
إبراهيم :( ٢٧ ) يثبت الله الذين.....
) يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ( أى بالحجة الواضحة وهى الكلمة الطيبة المتقدم ذكرها وقد ثبت فى الصحيح


الصفحة التالية
Icon