"""""" صفحة رقم ١٢٦ """"""
فعلى هذا القول فى قتلهم بالشهب قبل إلقاء السمع إلى الجن قولان أحدهما أنهم يقتلون قبل إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم فلا تصل أخبار السماء إلى غير الأنبياء ولذلك انقطعت الكهانة والثانى أنهم يقتلون بعد إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم من الجن قال ذكره الماوردى ثم قال والقول الأول أصح قال واختلف هل كان رمى بالشهب قبل المبعث فقال الأكثرون نعم وقيل لا وإنما ذلك بعد المبعث قال الزجاج والرمى بالشهب من آيات النبى ( ﷺ ) مما حدث بعد مولده لأن الشعراء فى القديم لم يذكروه فى أشعارهم قال كثير من أهل العلم نحن نرى انقضاض الكواكب فيجوز أن يكون ذلك كما نرى ثم يصير نارا إذا أدرك الشيطان ويجوز أن يقال يرمون بشعلة من نار الهواء فيخيل إلينا أنه نجم يسرى
الحجر :( ١٩ ) والأرض مددناها وألقينا.....
) والأرض مددناها ( أى بسطناها وفرشناها كما فى قوله ) والأرض بعد ذلك دحاها ( وفى قوله ) والأرض فرشناها فنعم الماهدون ( وفيه رد على من زعم أنها كالكرة ) وألقينا فيها رواسي ( أى جبال ثابتة لئلا تحرك بأهلها وقد تقدم بيان ذلك فى سورة الرعد ) وأنبتنا فيها من كل شيء موزون ( أى أنبتنا فى الأرض من كل شيء مقدر معلوم فعبر عن ذلك بالوزن لأنه مقدار تعرف به الأشياء ومنه قول الشاعر قد كنت قبل لقائكم ذا مرة
عندى لكل مخاصم ميزانه
وقيل معنى موزون مقسوم وقيل معدود والمقصود من الإثبات الإنشاء والإيجاد وقيل الضمير راجع إلى الجبال أى أنبتنا فى الجبال من كل شيء موزون من الذهب والفضة والنحاس والرصاص ونحو ذلك وقيل موزون بميزان الحكمة ومقدر بقدر الحاجة وقيل الموزون هو المحكوم بحسنه كما يقال كلام موزون أى حسن
الحجر :( ٢٠ ) وجعلنا لكم فيها.....
) وجعلنا لكم فيها معايش ( تعيشون بها من المطاعم والمشارب جمع معيشة وقيل هى الملابس وقيل هى التصرف فى أسباب الرزق مدة الحياة قال الماوردى وهو الظاهر قلت بل القول الأول أظهر ومنه قول جرير تكلفنى معيشة آل زيد
ومن لى بالمرقق والضباب
) ومن لستم له برازقين ( معطوف على معايش أى وجعلنا لكم فيها من لستم له برازقين وهم المماليك والخدم والأولاد الذين رازقهم فى الحقيقة هو الله وإن ظن بعض العباد أنه الرازق لهم باعتبار استقلاله بالكسب ويجوز أن يكون معطوفا على محل لكم أى جعلنا لكم فيها معايش وجعلنا لمن لستم له برازقين فيها معايش وهم من تقدم ذكره ويدخل فى ذلك الدواب على اختلاف أجناسها ولا يجوز العطف على الضمير المجرور فى لكم لأنه لا يجوز عند الأكثر إلا بإعادة الجار وقيل أراد الوحش
الحجر :( ٢١ ) وإن من شيء.....
) وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ( إن هى النافية ومن مزيدة للتأكيد وهذا التركيب عام لوقوع النكرة فى حيز النفى مع زيادة من ومع لفظ شيء المتناول لكل الموجودات الصادق على كل فرد منها فأفاد ذلك أن جميع الأشياء عند الله خزائنها لا يخرج منها شيء والخزائن جمع خزانة وهى المكان الذى يحفظ فيه نفائس الأمور وذكر الخزائن تمثيل لاقتداره على كل مقدور والمعنى أن كل الممكنات مقدورة ومملوكة يخرجها من العدم إلى الوجوب بمقدار كيف شاء وقال جمهور المفسرين إن المراد بما فى هذه الآية هو المطر لأنه سبب الأرزاق والمعايش وقيل الخزائن المفاتيح أى ما من شيء إلا عندنا فى السماء مفاتيحه والأولى ما ذكرناه من العموم لكل موجود بل قد يصدق الشيء على المعدوم على الخلاف المعروف فى ذلك ) وما ننزله إلا بقدر معلوم ( أى ما ننزله من السماء إلى الأرض أو نوجده للعباد إلا بقدر معلوم والقدر والمقدار والمعنى أن الله سبحانه لا يوجد للعباد شيئا من تلك الأشياء المذكورة إلا متلبسا ذلك الإيجاد