"""""" صفحة رقم ١٤ """"""
من أمر المملكة قوله ) وكذلك مكنا ليوسف ( الكاف في محل نصب على أنه نعت مصدر محذوف والإشارة إلى ما تقدم من إنجائه من إخوته وإخراجه من الجب وعطف قلب العزيز عليه أي مثل ذلك التمكين البديع مكنا ليوسف حتى صار متمكنا من الأمر والنهي يقال مكنه فيه أي أثبته فيه ومكن له فيه أي أي جعل له فيه مكانا ولتقارب المعنيين يستعمل كل واحد منهما مكان الآخر قوله ) ولنعلمه من تأويل الأحاديث ( هو علة لمعلل محذوف كأنه قيل فعلنا ذلك التمكين لنعلمه من تأويل الأحاديث أو كان ذلك الإنجاء لهذه العلة أو معطوف على مقدر وهو أن يقال مكنا ليوسف ليترتب على ذلك ما يترتب مما جرى بينه وبين امرأة العزيز ولنعلمه من تأويل الأحاديث ومعنى تأويل الأحاديث تأويل الرؤيا فإنها كانت من الأسباب التى بلغ بها ما بلغ من التمكن وقيل معنى تأويل الأحاديث فهم أسرار الكتب الإلهية وسنن من قبله من الأنبياء ولا مانع من حمل ذلك على الجميع ) والله غالب على أمره ( أي على أمر نفسه لا يمتنع منه شيء ولا يغالبه عليه غيره من مخلوقاته ) إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ( ومن جملة ما يدخل تحت هذا العام كما يفيد ذلك إضافة اسم الجنس إلى الضمير ما يتعلق بيوسف عليه السلام من الأمور التى أرادها الله سبحانه في شأنه وقيل معنى ) والله غالب على أمره ( أنه كان من أمر يعقوب أن لا يقص رؤيا يوسف على إخوته فغلب أمر الله سبحانه حتى قصت عليهم حتى وقع منهم ما وقع وهذا بعيد جدا ) ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( أي لا يطلعون على غيب الله وما في طيه من الأسرار العظيمة والحكم النافعة وقيل المراد بالأكثر الجميع لأنه لا يعلم الغيب إلا الله وقيل إن الله سبحانه قد يطلع بعض عبيده على بعض غيبه كما في قوله ) فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ( وقيل المعنى ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الله غالب على أمره وهم المشركون ومن لا يؤمن بالقدر
يوسف :( ٢٢ ) ولما بلغ أشده.....
قوله ) ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما ( الأشد قال سيبويه جمع واحده شدة وقال الكسائي واحده شد وقال أبو عبيد إنه لا واحد له من لفظه عند العرب ويرده قول الشاعر عهدي به شد النهار كأنما
خضب البنان ورأسه بالعظلم
والأشد هو وقت استكمال القوة ثم يكون بعده النقصان قيل هو ثلاث وثلاثون سنة وقيل بلوغ الحلم وقيل ثماني عشرة سنة وقيل غير ذلك مما قد قدمنا بيانه في النساء والأنعام والحكم هو ما كان يقع منه من الأحكام في سلطان ملك مصر والعلم هو العلم بالحكم الذي كان يحكمه وقيل العقل والفهم والنبوة وقيل الحكم والعلم الذي آتاه الله هو الزيادة فيهما ) وكذلك نجزي المحسنين ( أي ومثل ذلك الجزاء العجيب نجزي المحسنين فكل من أحسن في عمله أحسن الله جزاءه وجعل عاقبة الخير من جملة ما يجزيه به وهذه عام يدخل تحته جزاء يوسف على صبره الحسن دخولا أوليا قال الطبري هذا وإن كان مخرجه ظاهرا على كل محسن فالمراد به محمد ( ﷺ ) يقول الله تعالى كما فعل هذا بيوسف ثم أعطيته ما أعطيته كذلك أنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة وأمكن لك في الأرض والأولى ما ذكرناه من حمل العموم على ظاهره فيدخل تحته ما ذكره ابن جرير الطبري
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله ) وجاءت سيارة ( قال جاءت سيارة فنزلت على الجب ) فأرسلوا واردهم ( فاستسقى الماء فاستخرج يوسف فاستبشروا بأنهم أصابوا غلاما لا يعلمون علمه ولا منزلته من ربه فزهدوا فيه فباعوه وكان بيعه حراما وباعوه بدراهم معدودة


الصفحة التالية
Icon